فصل منزلة الإخلاص
ومن منازل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين )
nindex.php?page=treesubj&link=19694منزلة الإخلاص
قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) . وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ألا لله الدين الخالص ) . وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=14قل الله أعبد مخلصا له ديني nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=15فاعبدوا ما شئتم من دونه ) . وقال له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=163لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) . وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض : هو أخلصه وأصوبه . قالوا : يا
أبا علي ، ما أخلصه وأصوبه ؟ فقال : إن العمل إذا كان خالصا ، ولم يكن صوابا . لم يقبل . وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا : لم
[ ص: 89 ] يقبل . حتى يكون خالصا صوابا ، والخالص : أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة . ثم قرأ قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) . وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن ) . فإسلام الوجه : إخلاص القصد والعمل لله . والإحسان فيه : متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم وسنته . وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) . وهي الأعمال التي كانت على غير السنة . أو أريد بها غير وجه الله . قال النبي صلى الله عليه وسلم ل
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : إنك لن تخلف ، فتعمل عملا تبتغي به وجه الله تعالى إلا ازددت به خيرا ، ودرجة ورفعة . وفي الصحيح من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980346ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين . فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ؛ أي لا يبقى فيه غل ، ولا يحمل
[ ص: 90 ] الغل مع هذه الثلاثة . بل تنفي عنه غله . وتنقيه منه . وتخرجه عنه . فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل . وكذلك يغل على الغش . وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة والضلالة . فهذه الثلاثة تملؤه غلا ودغلا . ودواء هذا الغل ، واستخراج أخلاطه بتجريد الإخلاص والنصح ، ومتابعة السنة .
nindex.php?page=hadith&LINKID=980347وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل رياء ، ويقاتل شجاعة . ويقاتل حمية : أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله .
وأخبر عن
nindex.php?page=treesubj&link=18697أول ثلاثة تسعر بهم النار : قارئ القرآن ، والمجاهد ، والمتصدق بماله ، الذين فعلوا ذلك ليقال : فلان قارئ ، فلان شجاع ، فلان متصدق ، ولم تكن أعمالهم خالصة لله .
وفي الحديث الصحيح الإلهي يقول الله تعالى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980348أنا أغنى الشركاء عن الشرك . من عمل عملا أشرك فيه غيري فهو للذي أشرك به . وأنا منه بريء .
وفي أثر آخر : يقول
له يوم القيامة اذهب فخذ أجرك ممن عملت له . لا أجر لك عندنا .
[ ص: 91 ] وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=980350إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ، ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم . وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) .
وفي أثر مروي إلهي :
الإخلاص سر من سري ، استودعته قلب من أحببته من عبادي .
وقد تنوعت عبارتهم في
nindex.php?page=treesubj&link=19694_19475الإخلاص والصدق ، والقصد واحد .
فقيل : هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة .
وقيل : تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين .
وقيل : التوقي من ملاحظة الخلق حتى عن نفسك . والصدق التنقي من مطالعة النفس . فالمخلص لا رياء له ، والصادق لا إعجاب له . ولا يتم الإخلاص إلا بالصدق ، ولا الصدق إلا بالإخلاص . ولا يتمان إلا بالصبر .
وقيل : من شهد في إخلاصه الإخلاص ، احتاج إخلاصه إلى إخلاص . فنقصان كل مخلص في إخلاصه : بقدر رؤية إخلاصه . فإذا سقط عن نفسه رؤية الإخلاص ، صار مخلصا مخلصا .
وقيل : الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن . والرياء : أن يكون ظاهره خيرا من باطنه . والصدق في الإخلاص : أن يكون باطنه أعمر من ظاهره .
[ ص: 92 ] وقيل : الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق . ومن تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله .
ومن كلام
الفضيل : ترك العمل من أجل الناس : رياء . والعمل من أجل الناس : شرك . والإخلاص : أن يعافيك الله منهما .
قال
الجنيد : الإخلاص سر بين الله وبين العبد . لا يعلمه ملك فيكتبه ، ولا شيطان فيفسده . ولا هوى فيميله .
وقيل
لسهل : أي شيء أشد على النفس ؟ فقال : الإخلاص ؛ لأنه ليس لها فيه نصيب .
وقال بعضهم : الإخلاص أن لا تطلب على عملك شاهدا غير الله ، ولا مجازيا سواه .
وقال
مكحول : ما أخلص عبد قط أربعين يوما إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17402يوسف بن الحسين : أعز شيء في الدنيا : الإخلاص . وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي . فكأنه ينبت على لون آخر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12032أبو سليمان الداراني : إذا أخلص العبد انقطعت عنه كثرة الوساوس والرياء .
[ ص: 93 ]
فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِخْلَاصِ
وَمِنْ مَنَازِلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )
nindex.php?page=treesubj&link=19694مَنْزِلَةُ الْإِخْلَاصِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) . وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) . وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=14قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=15فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ) . وَقَالَ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=163لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) . وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14919الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ : هُوَ أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ . قَالُوا : يَا
أَبَا عَلِيٍّ ، مَا أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ ؟ فَقَالَ : إِنَّ الْعَمَلَ إِذَا كَانَ خَالِصًا ، وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا . لَمْ يُقْبَلْ . وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا : لَمْ
[ ص: 89 ] يُقْبَلْ . حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا ، وَالْخَالِصُ : أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ عَلَى السُّنَّةِ . ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) . وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ) . فَإِسْلَامُ الْوَجْهِ : إِخْلَاصُ الْقَصْدِ وَالْعَمَلِ لِلَّهِ . وَالْإِحْسَانُ فِيهِ : مُتَابَعَةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّتِهِ . وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) . وَهِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ . أَوْ أُرِيدَ بِهَا غَيْرُ وَجْهِ اللَّهِ . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ خَيْرًا ، وَدَرَجَةً وَرِفْعَةً . وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980346ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ : إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ . فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ ؛ أَيْ لَا يَبْقَى فِيهِ غِلٌّ ، وَلَا يَحْمِلُ
[ ص: 90 ] الْغِلَّ مَعَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ . بَلْ تَنْفِي عَنْهُ غِلَّهُ . وَتُنَقِّيهِ مِنْهُ . وَتُخْرِجُهُ عَنْهُ . فَإِنَّ الْقَلْبَ يَغِلُّ عَلَى الشِّرْكِ أَعْظَمَ غِلٍّ . وَكَذَلِكَ يَغِلُّ عَلَى الْغِشِّ . وَعَلَى خُرُوجِهِ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ . فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَمْلَؤُهُ غِلًّا وَدَغَلًا . وَدَوَاءُ هَذَا الْغِلِّ ، وَاسْتِخْرَاجُ أَخْلَاطِهِ بِتَجْرِيدِ الْإِخْلَاصِ وَالنُّصْحِ ، وَمُتَابَعَةِ السُّنَّةِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=980347وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ رِيَاءً ، وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً . وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً : أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
وَأَخْبَرَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=18697أَوَّلِ ثَلَاثَةٍ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ : قَارِئُ الْقُرْآنِ ، وَالْمُجَاهِدُ ، وَالْمُتَصَدِّقُ بِمَالِهِ ، الَّذِينَ فَعَلُوا ذَلِكَ لِيُقَالَ : فُلَانٌ قَارِئٌ ، فُلَانٌ شُجَاعٌ ، فُلَانٌ مُتَصَدِّقٌ ، وَلَمْ تَكُنْ أَعْمَالُهُمْ خَالِصَةً لِلَّهِ .
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980348أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ . مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ بِهِ . وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ .
وَفِي أَثَرٍ آخَرَ : يَقُولُ
لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اذْهَبْ فَخُذْ أَجْرَكَ مِمَّنْ عَمِلْتَ لَهُ . لَا أَجْرَ لَكَ عِنْدَنَا .
[ ص: 91 ] وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=980350إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَامِكُمْ ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ . وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) .
وَفِي أَثَرٍ مَرْوِيٍّ إِلَهِيٍّ :
الْإِخْلَاصُ سِرٌّ مِنْ سِرِّي ، اسْتَوْدَعْتُهُ قَلْبَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ مِنْ عِبَادِي .
وَقَدْ تَنَوَّعَتْ عِبَارَتُهُمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=19694_19475الْإِخْلَاصِ وَالصِّدْقِ ، وَالْقَصْدُ وَاحِدٌ .
فَقِيلَ : هُوَ إِفْرَادُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْقَصْدِ فِي الطَّاعَةِ .
وَقِيلَ : تَصْفِيَةُ الْفِعْلِ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْمَخْلُوقِينَ .
وَقِيلَ : التَّوَقِّي مِنْ مُلَاحَظَةِ الْخَلْقِ حَتَّى عَنْ نَفْسِكَ . وَالصِّدْقُ التَّنَقِّي مِنْ مُطَالَعَةِ النَّفْسِ . فَالْمُخْلِصُ لَا رِيَاءَ لَهُ ، وَالصَّادِقُ لَا إِعْجَابَ لَهُ . وَلَا يَتِمُّ الْإِخْلَاصُ إِلَّا بِالصِّدْقِ ، وَلَا الصِّدْقُ إِلَّا بِالْإِخْلَاصِ . وَلَا يَتِمَّانِ إِلَّا بِالصَّبْرِ .
وَقِيلَ : مَنْ شَهِدَ فِي إِخْلَاصِهِ الْإِخْلَاصَ ، احْتَاجَ إِخْلَاصُهُ إِلَى إِخْلَاصٍ . فَنُقْصَانُ كُلِّ مُخْلِصٍ فِي إِخْلَاصِهِ : بِقَدْرِ رُؤْيَةِ إِخْلَاصِهِ . فَإِذَا سَقَطَ عَنْ نَفْسِهِ رُؤْيَةُ الْإِخْلَاصِ ، صَارَ مُخْلِصًا مُخْلَصًا .
وَقِيلَ : الْإِخْلَاصُ اسْتِوَاءُ أَعْمَالِ الْعَبْدِ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ . وَالرِّيَاءُ : أَنْ يَكُونَ ظَاهِرَهُ خَيْرًا مِنْ بَاطِنِهِ . وَالصِّدْقُ فِي الْإِخْلَاصِ : أَنْ يَكُونَ بَاطِنُهُ أَعْمَرَ مِنْ ظَاهِرِهِ .
[ ص: 92 ] وَقِيلَ : الْإِخْلَاصُ نِسْيَانُ رُؤْيَةِ الْخَلْقِ بِدَوَامِ النَّظَرِ إِلَى الْخَالِقِ . وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ .
وَمِنْ كَلَامِ
الْفُضَيْلِ : تَرْكُ الْعَمَلِ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ : رِيَاءٌ . وَالْعَمَلُ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ : شِرْكٌ . وَالْإِخْلَاصُ : أَنْ يُعَافِيَكَ اللَّهُ مِنْهُمَا .
قَالَ
الْجُنَيْدُ : الْإِخْلَاصُ سِرٌّ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ . لَا يَعْلَمُهُ مَلَكٌ فَيَكْتُبُهُ ، وَلَا شَيْطَانٌ فَيُفْسِدُهُ . وَلَا هَوًى فَيُمِيلُهُ .
وَقِيلَ
لِسَهْلٍ : أَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ عَلَى النَّفْسِ ؟ فَقَالَ : الْإِخْلَاصُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا فِيهِ نَصِيبٌ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْإِخْلَاصُ أَنْ لَا تَطْلُبَ عَلَى عَمَلِكَ شَاهِدًا غَيْرَ اللَّهِ ، وَلَا مُجَازِيًا سِوَاهُ .
وَقَالَ
مَكْحُولٌ : مَا أَخْلَصَ عَبْدٌ قَطُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17402يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ : أَعَزُّ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا : الْإِخْلَاصُ . وَكَمْ أَجْتَهِدُ فِي إِسْقَاطِ الرِّيَاءِ عَنْ قَلْبِي . فَكَأَنَّهُ يَنْبُتُ عَلَى لَوْنٍ آخَرَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12032أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ : إِذَا أَخْلَصَ الْعَبْدُ انْقَطَعَتْ عَنْهُ كَثْرَةُ الْوَسَاوِسِ وَالرِّيَاءِ .
[ ص: 93 ]