فصل منزلة المراقبة
ومن منازل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين )
nindex.php?page=treesubj&link=19660منزلة المراقبة .
قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ) . وقال تعالى :
[ ص: 65 ] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وكان الله على كل شيء رقيبا ) وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4وهو معكم أين ما كنتم ) ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=14ألم يعلم بأن الله يرى ) ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=48فإنك بأعيننا ) ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) . إلى غير ذلك من الآيات .
وفي حديث
جبريل عليه السلام : أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=980334سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان ؟ فقال له : أن تعبد الله كأنك تراه . فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
nindex.php?page=treesubj&link=19659المراقبة تعريفها : دوام علم العبد ، وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه . فاستدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه ، ناظر إليه ، سامع لقوله . وهو مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة ، وكل نفس وكل طرفة عين . والغافل عن هذا بمعزل عن حال أهل البدايات . فكيف بحال المريدين ؟ فكيف بحال العارفين ؟ .
قال
الجريري : من لم يحكم بينه وبين الله تعالى التقوى والمراقبة : لم يصل إلى الكشف والمشاهدة
وقيل : من راقب الله في خواطره ، عصمه في حركات جوارحه .
وقيل لبعضهم : متى يهش الراعي غنمه بعصاه عن مراتع الهلكة ؟ فقال : إذا علم أن عليه رقيبا .
وقال
الجنيد : من تحقق في المراقبة خاف على فوات لحظة من ربه لا غير .
وقال
ذو النون : علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله ، وتعظيم ما عظم الله ، وتصغير ما
[ ص: 66 ] صغر الله .
وقيل : الرجاء يحرك إلى الطاعة ، والخوف يبعد عن المعاصي ، والمراقبة تؤديك إلى طريق الحقائق .
وقيل : المراقبة مراعاة القلب لملاحظة الحق مع كل خطرة وخطوة .
وقال
الجريري : أمرنا هذا مبني على فصلين : أن تلزم نفسك المراقبة لله ، وأن يكون العلم على ظاهرك قائما .
وقال
إبراهيم الخواص : المراقبة خلوص السر والعلانية لله عز وجل .
وقيل : أفضل ما يلزم الإنسان نفسه في هذه الطريق : المحاسبة والمراقبة ، وسياسة عمله بالعلم .
وقال
أبو حفص ل
أبي عثمان النيسابوري : إذا جلست للناس فكن واعظا لقلبك ونفسك . ولا يغرنك اجتماعهم عليك . فإنهم يراقبون ظاهرك . والله يراقب باطنك .
وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر : سبب لحفظها في حركات الظواهر . فمن راقب الله في سره ، حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته .
والمراقبة هي التعبد باسمه الرقيب ، الحفيظ ، العليم ، السميع ، البصير ، فمن عقل هذه الأسماء ، وتعبد بمقتضاها : حصلت له المراقبة . والله أعلم .
فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمُرَاقَبَةِ
وَمِنْ مَنَازِلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )
nindex.php?page=treesubj&link=19660مَنْزِلَةُ الْمُرَاقَبَةُ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ) . وَقَالَ تَعَالَى :
[ ص: 65 ] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ) وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ) ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=14أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ) ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=48فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
وَفِي حَدِيثِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : أَنَّهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=980334سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِحْسَانِ ؟ فَقَالَ لَهُ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ . فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=19659الْمُرَاقَبَةُ تَعْرِيفُهَا : دَوَامُ عِلْمِ الْعَبْدِ ، وَتَيَقُّنِهِ بِاطِّلَاعِ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ . فَاسْتَدَامَتُهُ لِهَذَا الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ هِيَ الْمُرَاقَبَةُ وَهِيَ ثَمَرَةُ عِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ رَقِيبٌ عَلَيْهِ ، نَاظِرٌ إِلَيْهِ ، سَامِعٌ لِقَوْلِهِ . وَهُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى عَمَلِهِ كُلَّ وَقْتٍ وَكُلَّ لَحْظَةٍ ، وَكُلَّ نَفَسٍ وَكُلَّ طَرْفَةِ عَيْنٍ . وَالْغَافِلُ عَنْ هَذَا بِمَعْزِلٍ عَنْ حَالِ أَهْلِ الْبِدَايَاتِ . فَكَيْفَ بِحَالِ الْمُرِيدِينَ ؟ فَكَيْفَ بِحَالِ الْعَارِفِينَ ؟ .
قَالَ
الْجَرِيرِيُّ : مَنْ لَمْ يُحَكِّمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى التَّقْوَى وَالْمُرَاقَبَةَ : لَمْ يَصِلْ إِلَى الْكَشْفِ وَالْمُشَاهَدَةِ
وَقِيلَ : مَنْ رَاقَبَ اللَّهَ فِي خَوَاطِرِهِ ، عَصَمَهُ فِي حَرَكَاتِ جَوَارِحِهِ .
وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ : مَتَى يَهُشُّ الرَّاعِي غَنَمَهُ بِعَصَاهُ عَنْ مَرَاتِعَ الْهَلَكَةِ ؟ فَقَالَ : إِذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ رَقِيبًا .
وَقَالَ
الْجُنَيْدُ : مَنْ تَحَقَّقَ فِي الْمُرَاقَبَةِ خَافَ عَلَى فَوَاتِ لَحْظَةٍ مِنْ رَبِّهِ لَا غَيْرَ .
وَقَالَ
ذُو النُّونِ : عَلَامَةُ الْمُرَاقَبَةِ إِيثَارُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ، وَتَعْظِيمُ مَا عَظَّمَ اللَّهُ ، وَتَصْغِيرُ مَا
[ ص: 66 ] صَغَّرَ اللَّهُ .
وَقِيلَ : الرَّجَاءُ يُحَرِّكُ إِلَى الطَّاعَةِ ، وَالْخَوْفُ يُبْعِدُ عَنِ الْمَعَاصِي ، وَالْمُرَاقَبَةُ تُؤَدِّيكَ إِلَى طَرِيقِ الْحَقَائِقِ .
وَقِيلَ : الْمُرَاقَبَةُ مُرَاعَاةُ الْقَلْبِ لِمُلَاحَظَةِ الْحَقِّ مَعَ كُلِّ خَطْرَةٍ وَخُطْوَةٍ .
وَقَالَ
الْجَرِيرِيُّ : أَمْرُنَا هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى فَصْلَيْنِ : أَنْ تُلْزِمَ نَفْسَكَ الْمُرَاقَبَةَ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ عَلَى ظَاهِرِكَ قَائِمًا .
وَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ الْخَوَّاصُ : الْمُرَاقَبَةُ خُلُوصُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَقِيلَ : أَفْضَلُ مَا يُلْزِمُ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ : الْمُحَاسَبَةُ وَالْمُرَاقَبَةُ ، وَسِيَاسَةُ عَمَلِهِ بِالْعِلْمِ .
وَقَالَ
أَبُو حَفْصٍ لِ
أَبِي عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيِّ : إِذَا جَلَسْتَ لِلنَّاسِ فَكُنْ وَاعِظًا لِقَلْبِكَ وَنَفْسِكَ . وَلَا يَغُرَّنَّكَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَيْكَ . فَإِنَّهُمْ يُرَاقِبُونَ ظَاهِرَكَ . وَاللَّهُ يُرَاقِبُ بَاطِنَكَ .
وَأَرْبَابُ الطَّرِيقِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مُرَاقَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْخَوَاطِرِ : سَبَبٌ لِحِفْظِهَا فِي حَرَكَاتِ الظَّوَاهِرِ . فَمَنْ رَاقَبَ اللَّهَ فِي سِرِّهِ ، حَفِظَهُ اللَّهُ فِي حَرَكَاتِهِ فِي سِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ .
وَالْمُرَاقَبَةُ هِيَ التَّعَبُّدُ بِاسْمِهِ الرَّقِيبِ ، الْحَفِيظِ ، الْعَلِيمِ ، السَّمِيعِ ، الْبَصِيرِ ، فَمَنْ عَقَلَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ ، وَتَعَبَّدَ بِمُقْتَضَاهَا : حَصَلَتْ لَهُ الْمُرَاقَبَةُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .