[ 373 ] " أخبرناه ، حدثنا أبو عبد الله الحافظ أبو العباس وهو الأصم ، حدثنا أخبرنا أحمد بن [ ص: 582 ] عبد الجبار ، ، عن أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكر هذه الرواية الآخرة . أبي هريرة
قال رحمه الله : " ويشبه أن يكون هذا الحديث تفسيرا لحديث الفداء ، والكافر إذا أورث على المؤمن مقعده من الجنة ، والمؤمن إذا أورث على الكافر مقعده من النار يصير في التقدير كأنه فدي المؤمن بالكافر ، والله أعلم . البيهقي
وقد علل رحمه الله حديث الفداء برواية البخاري وغيره ، عن بريد بن عبد الله ، عن رجل من الأنصار ، عن أبيه . أبي بردة
وبرواية عنه ، عن أبي حصين . عبد الله بن يزيد
وبرواية حميد عنه ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم قال الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة ، وأن قوما يعذبون ثم يخرجون من النار أكثر وأبين . [ ص: 583 ]
وحديث بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عند أبي موسى وغيره رحمهم الله من الأوجه التي أشرنا إليها وغيرها ووجهه ما ذكرناه ، وذلك لا ينافي حديث الشفاعة ، فإن حديث الفداء وإن ورد مورد العموم في كل مؤمن فيحتمل أن يكون المراد به كل مؤمن قد صارت ذنوبه مكفرة بما أصابه من البلايا في حياته ففي بعض ألفاظه ، إن أمتي أمة مرحومة جعل الله عذابها بأيديها ، فإذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل رجل من المسلمين رجلا من أهل الأديان فكان فداؤه من النار . مسلم بن الحجاج
وحديث الشفاعة يكون فيمن لم تصر ذنوبه مكفرة في حياته ، ويحتمل أن يكون هذا القول لهم في حديث الفداء بعد الشفاعة والله أعلم .
وأما حديث : شداد أبي طلحة الراسبي ، عن عن غيلان بن جرير ، بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي موسى " يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب مثل الجبال يغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى " . فيما أحسب أنا قاله بعض رواته . [ ص: 584 ]
فهذا حديث شك فيه راويه ، وشداد أبو طلحة ممن تكلم أهل العلم بالحديث فيه ، وإن كان مسلم بن الحجاج استشهد به في كتابه فليس هو ممن يقبل منه ما يخالف فيه كيف ، والذين خالفوه في لفظ الحديث عدد وهو واحد ، وكل واحد ممن خالفه أحفظ منه فلا معنى للاشتغال بتأويل ما رواه مع خلاف ظاهر ما رواه الأصول الصحيحة الممهدة في : ( ألا تزر وازرة وزر أخرى ) ، والله أعلم .