السؤال
جاء في الآية رقم14 من سورة الفرقان "لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا " وجاء في سورة الانشقاق في الآية رقم 11 "فسوف يدعو ثبورا" ما العبرة في وصف الثبور في الآية الأولى بالواحد والكثرة ؟ وجزاكم كل خير.
جاء في الآية رقم14 من سورة الفرقان "لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا " وجاء في سورة الانشقاق في الآية رقم 11 "فسوف يدعو ثبورا" ما العبرة في وصف الثبور في الآية الأولى بالواحد والكثرة ؟ وجزاكم كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الثبور قد وصف بالكثرة لأن عذابهم أنواع كثيرة، كل نوع منها ثبور، لشدته أو لأنه يتجدد لقوله تعالى: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ {النساء: 56} أو لأنه لا ينقطع، فهو في كل وقت ثبور، كما قال البيضاوي، فالله قد نهاهم عن الدعاء مرة واحدة وأمرهم بإكثار الدعاء لتكرر وقوع العذاب وتنوعه.
قال الشوكاني في فتح القدير: والمعنى لا تدعو على أنفسكم بالثبور دعاء واحدا وادعوه أدعية كثيرة، فإن ما أنتم فيه من العذاب أشد من ذلك لطول مدته وعدم تناهيه، وقيل: هذا تمثيل وتصوير لحالهم بحال من يقال له ذلك من غير ن يكون هناك قول، وقيل: إن المعنى إنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحدا بل هو ثبور كثير لأن العذاب أنواع. اهـ
وقال أبو السعود في معنى الآية: لا تقتصروا على دعاء ثبور واحد وادعوا ثبورا كثيرا أي بحسب كثرة الدعاء المتعلق به لا بحسب كثرته في نفسه، فإن ما يدعونه ثبور واحد في حد ذاته لكنه كلما تعلق به دعاء من تلك الأدعية الكثيرة صار كأنه ثبور مغاير لما تعلق به دعاء آخر منها، وتحقيقه لا تدعوه دعاء واحدا وادعوه أدعية كثيرة، فإن ما أنتم فيه من العذاب لغاية شدته وطول مدته مستوجب لتكرير الدعاء في كل آن، وهذا أدل على فظاعة العذاب وهو له من جعل تعدد الدعاء وتجدده لتعدد العذاب بتعدد أنواعه وألوانه أو لتعدده بتجدد الجلود كما لا يخفى. وأما ما قيل من أن المعنى إنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحدا إنما هو ثبور كثير إما لأن العذاب انواع وألوان كل نوع منها ثبور لشدته وفظاعته، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدلوا غيرها فلا غاية لهلاكهم فلا يلائم المقام كيف لا وهو إنما يدعون هلاكا ينهى عذابهم وينجيهم منه، فلا بد أن يكون الجواب إقناطا لهم من ذلك ببيان استحالته ودوام ما يوجب استدعاءه من العذاب الشديد وتقييد النهي والأمر باليوم لمزيد التهويل والتفظيع والتنبيه على أنه ليس كسائر الأيام المعهود قل تقريعا لهم وتهكما بهم وتحسيرا على ما فاتهم أذلك إشارة إلى ما ذكر من السعير باعتبار اتصافها بما فصل من الأحوال الهائلة وما فيها من معنى البعد للإشعار بكونها في الغاية القاصية من الهول والفظاعة. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني