السؤال
بسم الله الرحمن الرحيمأريد تفسيرا لهذه الآية الكريمة(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لهن)وما المقصود بالرفث حيث نجد في آية أخرى أنه مقارن بالفسوق فلا رفث ولا فسوق في الحج؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي تفسير الإمام ابن كثير مفسرا الآية التي سألت عنها :
هذه رخصة من الله تعالى للمسلمين ، ورفع لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام فإنه كان إذا أفطر أحدهم إنما يحل له الأكل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء أوينام قبل ذلك ، فمتى نام أوصلى العشاء حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القابلة ، فوجدوا من ذلك مشقة كبيرة ، والرفث هنا هو الجماع ، قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وطاووس وسالم بن عبدالله وعمرو بن دينار والحسن وقتادة والزهري والضحاك وإبراهيم النخعي والسدي وعطاء الخراساني ومقاتل بن حيان .
وقوله :هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ، قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان : يعني هن سكن لكم وأنتم سكن لهن ، وقال الربيع بن أنس : هن لحاف لكم وأنتم لحاف لهن ، وحاصله : أن الرجل والمرأة كل منهما يخالط الآخر ويماسه ويضاجعه ، فناسب أن يرخص لهم في المجامعة في ليل رمضان لئلا يشق ذلك عليهم ويحرجوا انتهى .
والرفث يشمل كل ما يريد الرجل من امرأته فيشمل الجماع وغيره، قال القرطبي في تفسيره : والرفث كناية عن الجماع لأن الله عزوجل كريم يكني ، قاله ابن عباس والسدي . وقال الزجاج : الرفث كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من امرأته وقاله الأزهري أيضا . وقال ابن عرفة : الرفث هاهنا الجماع . والرفث: التصريح بذكر الجماع والإعراب به . انتهى .
والرفث قد يكون مباحا وقد يكون محرما كالحاصل أثناء الحج والذي نهى الله تعالى عنه بقوله :فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ {البقرة : 197} وقال ابن كثير في تفسيره أيضا : وقوله فلا رفث أي من أحرم بالحج أو العمرة فليجتنب الرفث وهو الجماع ، كما قال تعالى :أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ اهـ فذكر الرفث مقترنا بالفسوق لا يدل على أنه محرم دائما بل يدل على أن الحج من الأوقات التي يحرم فيها، وكم من المباحات تحرم في حق المحرم دون غيره .
والله أعلم .