السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
يقول الله تعالى فى محكم كتابه {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}، كيف يعي المؤمن هذين المثالين ويتخذهما نبراسا لحياته الإيمانية خاصة ونحن نعيش زمنا قد شاعت فيه الفتن؟ وجزاكم الله عنا خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذان النموذجان من النماذج الفذة والأمثلة العالية والقدوة الحسنة التي ضربها الله تبارك وتعالى لعباده المؤمنين في محكم كتابه لتكون لهم نبراساً تنير لهم الطريق أمام أعينهم في مختلف الأزمنة والأمكنة والبيئات، فقد ضرب الله تعالى المثل لعباده المؤمنين بنوح وابنه، وبإبراهيم وأبيه، وبأصحاب الكهف وقومهم وبلوط وزوجته وفرعون وزوجته.... فإذا جعل المؤمن هذه الأمثلة أمام عينيه هانت عليه كل وشائج الدم والقربى والأهل والعشيرة والوطن في سبيل دينه.
يقول سيد قطب رحمه الله في تفسير الظلال: إن الوشيجة التي يتجمع عليها الناس في هذا الدين وشيجة فريدة تتميز بها طبيعة هذا الدين.
إن هذه الوشيجة ليست وشيجة الدم والنسب، وليست وشيجة الأرض والوطن، وليست وشيجة القوم والعشيرة، وليست وشيجة اللون واللغة، وليست وشيجة الجنس والعنصر، وليست وشيجة الحرفة والطبقة... إن هذه الوشائج جميعاً قد توجد ثم تنقطع.
فوشيجة الإيمان هي التي ينبغي أن يتجمع عليها الجنس البشري، وهذا هو المعلم الواضح البارز بين نظرة هذا الدين إلى الوشائج والروابط وبين نظرات الجاهلية المتفرقة، والمنهج الرباني القويم -ممثلاً في هذا القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم وفي توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم- قد أخذ الأمة المسلمة بالتربية على هذا الأصل الكبير والمعلم الواضح البارز في مفرق الطريق. اهـ
والله أعلم.