السؤال
يقوم بعض مربي المواشي (الماعز الشامي) بقص أجزاء من أذان الماعز قد تصل إلى نصف الأذن، وذلك من أجل جمال الماعز، حيث إن المشتري يرى أن الماعز التي قصت آذانها أجمل من تلك التي لم تقص آذانها، وبالتالي يؤثر على سعرها، فهل في ذلك محظور شرعي أم لا، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد حث الإسلام على الإحسان في كل شيء حتى في التعامل مع البهائم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم وأصحاب السنن من حديث شداد بن أوس. وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
والأحاديث في الحث على الإحسان إلى البهائم والنهي عن إيذائها كثيرة جداً، ويستفاد منها تحريم تعذيب البهيمة بقطع أذنها أو جزء من أذنها، ومن الأدلة على تحريم ذلك، قوله عز وجل: وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا* وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ {النساء:117-118-119}.
والبتك: القطع، قال الشنقيطي في أضواء البيان: وقوله (ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام) يدل على أن تقطيع آذان الأنعام لا يجوز، وهو كذلك، أما قطع أذن البحيرة والسائبة تقربا بذلك للأصنام فهو كفر بالله إجماعاً، وأما تقطيع آذان البهائم لغير ذلك فالظاهر أيضاً أنه لا يجوز، ولذا أمرنا عليه الصلاة والسلام أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء. أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربع والبزار وابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث علي رضي الله عنه، وصححه الترمذي، وأعله الدارقطني. والمقابلة: المقطوعة طرف الأذن، والمدابرة: المقطوعة مؤخر الأذن، والشرقاء: مشقوقة الأذن طولا، والخرقاء: التي خرقت أذنها خرقا مستديراً، فالعيب في الأذن مراعى عند جماعة العلماء. انتهى كلام الشنقيطي.
ويستثنى من تحريم إيذاء الحيوان: الإشعار والوسم في غير الوجه، والإشعار يكون للإبل والبقر إذا كان لها أسنمة، ويكون بشق صفحة سنامها الأيمن حتى يدميها في قول عامة أهل العلم، كما ذكر ابن قدامة في المغني: وأما الوسم فإنه الكي بالنار، قال القرطبي في تفسيره: والوسم الكي بالنار، وأصله العلامة، يقال: وسم الشيء يسمه إذا علَّمه بعلامة يعرف بها، ومنه قوله تعالى: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم. فالسيما: العلامة، والميسم: المكواة.
والله أعلم.