السؤال
أعمل كمحاسب في قسم الحسابات بإحدى الشركات ومن ضمن واجبات الوظيفة التعامل مع البنوك (الربوية بالطبع)، في بعض المسائل التي أرجو الإجابة على كل مسألة منفصلة حتى إذا كانت حراما أتفاوض مع الشركة لعدم قيامي بها والاستعاضة عنها ببديل آخر:
القيام بعمل وديعة (بفوائد) لحساب الشركة، القيام بفك الوديعة وسحب نقودها، تقديم كشف مفردات مرتب لأحد الموظفين للبنك لتسهيل حصوله على قرض (بفوائد)، ملء أو المساعدة على ملء استمارات طلب قرض البنك للموظفين، التفاوض مع البنك حول شروط القرض المقدم للموظف ومعرفة التفاصيل، القيام بتسجيل -أو المساعدة في ذلك- فوائد القروض وخصمها من المرتب ومراجعتها ومن الممكن تقديم تقارير عنها (باختصار القيام بالمهمام المحاسبية المتعلقة بها)، أي مساعدة أخرى متعلقة بالقرض، هل يختلف الأمر إذا كان القرض المقدم للشركة وليس موظفيها، أرجو الإجابة عن كل حالة على حدة كأنها مسألة منفصلة حتى يتبين لي الأمر، وفي النهاية أريد نصيحتكم لي في هذا العمل (مع العلم أن لي مهاما أخرى كثيرة بعيدا عن أعمال البنوك مثل تسجيل القيود ومتابعة نشاط الشركة وباقي مهام المحاسبة التقليدية وأيضا الشركة تعمل في مجال مباح وحلال وهو صناعة الدواء (الرجاء عدم تحويلي على إجابات أخرى حيث قد قرأت البعض بالفعل من على موقعكم هذا ولكني لم أجد ما أريد)؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكل ما كان يتصل بالتعامل الربوي إقراضا أو اقتراضا أو إيداعا تحرم المعاونة عليه سواء أكان ذلك في مجال عملك أم لا، وسواء في ذلك أكانت المعاونة للشركة أو الموظفين أو غيرهم، لما في ذلك من المعاونة على الحرام، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
وبهذا يتبين لك أن كل الأعمال المذكورة محرمة إلا ما يتصل بفك الوديعة وسحب نقودها إذا كان المسحوب هو رأس المال المودع فقط دون الفوائد، وإلا حرم ذلك أيضاً، ونصيحتنا لك أن تقتصر على الأعمال المباحة وتدع ما دونها، فإن لم تستطع ذلك فيجب عليك ترك هذا العمل والبحث عن غيره.
واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2-3}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. رواه الطبراني وغيره.
وروى الإمام أحمد عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من أهل البادية، فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله تبارك وتعالى، وقال: إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله جل وعز إلا أعطاك الله خيراً منه. وراجع الفتوى رقم: 46529.
والله أعلم.