السؤال
لقد قرأت لفضيلتكم العديد من الفتاوى حول إطعام الطعام لغير الملتزمين بهذا الدين و قد اقتنعت بما قدمتم من أدلة و لكن كيف أستطيع أن أوفق بين أدلتكم و قول الله تعالى "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة"، و قوله هنا "للذين آمنوا" ألا يدل على أن الكافر زيادة عن كفره سيحاسب عما أكله في الدنيا لأن الله جعلها للذين آمنوا فقط. و إن كان الأمر كذلك فكان بالأحرى عدم إطعام هذا الكافر أو العاصي حتى يتوب إلى الله. و سؤالي هنا ليس ردا على فضيلتكم إنما هو لغموض رموز هذه الآية التي لم أفقه معناها. و شكرا لرحابة صدركم و أسكنكم الله فسيح جنانه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن إطعام الكافر لا حرج فيه، فإن الله يصبر عليهم ويطعمهم كما في الحديث: ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله إنهم يجعلون له ندا ويجعلون له ولدا وهو مع ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم. رواه البخاري ومسلم. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطعم ضيوف الكفار وأساراهم كما في قصة ثمامة بن أثال وغيره. ومتاع الدنيا شيء زهيد لا يساوي جناح بعوضة، فلذلك سمح الله للكفار بالا ستفادة منه. ففي الحديث: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء. رواه الترمذي وصححه. وأما الآية فهي لا تفيد اختصاص المؤمنين بمتاع الدنيا دون الكفار، وإنما اختص المؤمنون بالطيبات في الآخرة، كذا قال ابن كثير والقرطبي. وقد ذكر القرطبي أيضا أن قوله: قل هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ {الأعراف: 32}، يحتمل أن يكون المراد منه أن الطيبات خالصة في الآخرة لمن آمنوا في الحياة الدنيا.
والله أعلم.