السؤال
بارك الله فيكم وفي موقعكم الكريم، وأسأل الله لكم الإعانة، أعتذر عن الإطالة قليلا، والتفريعات؛ فإن الله وحده هو العليم بحالتي.
أنا شاب عمري 21 عاما، أنا أكبر إخوتي، ووالدي متوفى؛ بدأت منذ سنتين تقريبا، أتنبه لأشياء لم أكن أنتبه إليها من قبل، وأجد أن معظم معيشتي من حرام.
فهذا جدي -من جهة الأم- كان عاملا ببنك ربوي، وهو الآن يتقاضى راتبا تقاعديا منه، وأنا طول عمري أحب بيتهم، وآكل عندهم. ولكني الآن لم أعد أشرب عندهم حتى شربة ماء.
وقد كلمته من قبل من غير تصريح عن سبب عمله في بنك، فقال لي: هناك أناس يقولون حرام، وأناس يقولون حلال -الفتاوى التي ظهرت في مصر-وأنا لا أجد عملا.
ومن كلامي معه عرفت أنه يعلم حرمة الربا، ولكن أظنه في الغالب لا يدري أن ماله حرام، وأن عمله حرام.
وهؤلاء أعمامي وأولاد عمي يعملون في الحلاقة، ولا يبالون بحلق القزع، أو اللحى، وأنا أيضا لا آكل عندهم.
وجدي وخالي لهما تعاملات مع البورصة، ولا أظنهما يعلمان أحكامها وضوابطها.
بدأت في طلب العلم ولله الحمد، وأنا أحب الله، وأخاف أن أعصيه بأية معصية. وقد أعانني الله على كثير منها ولله الحمد. وأحاول التورع عن الشبهات.
ولكن الأمر كان مختلفا جدا، وكادت الأرض تضيق علي. فمثلا أمي تتعامل مع جدي، وهو أحيانا يعطيها مالا، ويعطي لإخوتي مالا، فهو لديه محل يبيع فيه أكل الدجاج والبهائم وأمي تشتري من عنده، وقد أصبحت لا آكل البيض أبدا، وكذلك أي شيء يأتون به من هناك لا أقربه أبدا، رغم أني قرأت في موقعكم الكريم، أن جدي بهذا الوصف ماله مختلط، وتكره معاملته.
وأيضا أمي تقرض عمي مالا؛ لأن أولاده كانوا يحتاجونه. وبعد فترة سدد عمي المال، وهو يعمل في الحلاقة. فكيف سأتورع عن ذلك المال وأمي تعطيني من ذلك المال؟
ومثلا معاملة من ماله مختلط، فغالب الناس إن لم أقل 98% لا يتورعون عن الشبهات، وكثير منهم لا يبالي بالحرام. فكيف إذا سأعيش، ويكون لدي مال؟ ومن ضروريات الحياة البيع والشراء. فكيف سأتورع هنا عن الشبهة، بل وكيف سأعمل، وأجد عملا حلالا، خاصة في ذلك الزمان سواء كنت طبيبا أو مهندسا، أو صاحب محل للبيع والشراء. كيف سأتورع عن معاملة الناس في أموالهم؟
وأيضا أنا أكبر إخوتي، ولدي أخوات. كيف سأزوجهن، ويكون لدي مال، بل وكيف سأجد لهن أزواجا صالحين متورعين؟
في الحقيقة أنا في حياتي لا أخير بين الحلال المحض والحرام المحض، بل بين الشبهة والحرام. وأنا لم أعد أتحمل حياتي، والتفكير في هذا الأمر في حد ذاته يقلب أيامي رأسا على عقب، فلا أستطيع المذاكرة، ولا طلب العلم، وتسود الحياة في وجهي، ولولا مخافة الإثم لتمنيت الموت في كل لحظة.
فهل الورع مثل ما ذكرت، أم الأمر ليس كذلك، فإن الحياة سوداء مظلمة أمامي؟