الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، ويزيدك حرصاً على طاعته، واجتناب معاصيه، وأن يعلمك ما ينفعك.
واعلم أنّ الورع محمود، ما لم يفضِ بصاحبه إلى الحرج الذي رفعه الله عنا في هذه الشريعة السمحة.
ولذلك ننبهك إلى بعض الأمور حتى لا توقع نفسك في الحرج، أو تضيق عليها في موضع جعل الله لك فيه سعة:
- معاملة أصحاب المال المختلط؛ جائزة، وراجع الفتوى: 73957
- من عمل عملاً يعتقد حلّه؛ جاز التعامل معه في المال المكتسب من هذا العمل، ولو كان المتعامل يرى حرمة هذا العمل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: الأصل الثاني: أن المسلم إذا عامل معاملة يعتقد هو جوازها، وقبض المال، جاز لغيره من المسلمين أن يعامله في مثل ذلك المال. وإن لم يعتقد جواز تلك المعاملة. انتهى من مجموع الفتاوى.
- ينبغي التفريق بين المال الحرام المأخوذ بالسرقة والغصب ونحو ذلك، وبين الحرام المأخوذ بمعاملات محرمة كالمعاملات الربوية، أو العقود المحرمة، فالأول لا تجوز المعاملة فيه لمن يعلم حاله، والثاني فيه تفصيل، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز معاملة صاحبه، والانتفاع به في البيع والشراء والهبة وغيرها.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- هذا السؤال: الحمد لله، فقد رزقني الهداية، ومقبل على الزواج -إن شاء الله- في الوقت الحالي، والمشكلة أن والدي -هداه الله- يتعامل بالربا، وسوف يساعدني مادياً في أمر هذا الزواج. وإنني الآن في حيرة، فأنا لا أمتلك قيمة المهر، وفي ذاته، فإنني أخشى قبول مساعدة والدي من ماله الحرام، وهذا معناه أني سوف أظل دون شريكة حياة لسنوات قادمة. فماذا أفعل؟
فأجاب رحمه الله: أحب أن أعطي الأخ السائل والقراء قاعدة مفيدة، وهي: ما حرم لكسبه؛ فهو حرام على الكاسب فقط. وأما ما حرم لعينه؛ فهو حرام على الكاسب وغيره.
مثال على ذلك: لو أن أحداً أخذ مال شخص بعينه، وأراد أن يعطيه آخر لبيع أو هبة. قلنا: هذا حرام؛ لأن هذا المال محرم بعينه.
أما الكسب الذي يكون محرما كالكسب عن طريق الربا، أو عن طريق الغش -أو ما أشبه ذلك- فهذا حرام على الكاسب، وليس حراما على من أخذه بحق. ودليل هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام، كان يقبل من اليهود، ويجيب دعوتهم، ويأكل من طعامهم، ويشتري منهم، ومعلوم أن اليهود يتعاملون بالربا؛ كما ذكر الله عنهم في القرآن.
وبناء على هذه القاعدة، أقول لهذا السائل: خذ جميع ما تحتاجه للزواج من مال أبيك؛ فهو حلال لك وليس حراما. من فتاوى إسلامية.
والله أعلم.