السؤال
الشيطان بوساوسه المحبطة أحيانًا، والمحزنة أحيانًا، والمقلقة أحيانًا، والعشوائية أحيانًا في عشوائية فكرية لا تفهم منها ماذا يريد غير أن يحبطك ويحزنك، ويشوشك من أجل إيصال رسالة حزن أو قلق، فهل هو بذلك يريد أن تترك العمل، وخاصة الدراسة، أو يريد الفشل في الدراسة والعلم، وترك المذاكرة بالتشويش عليك بأشياء -مثلًا: هذا صاحبك سبقك فلن تدركه، أو لقد تعلم من تعلم فماذا تفعل؟ هذا صديقك أذكى منك في هذه الأشياء- هل يريد بهذا التشويش أن تترك المذاكرة والتفوق؟
والأمر الآخر المهم جدًّا أيضًا عند المذاكرة نفسها، وعندما أفهم شيئًا، أو أبدع في حلّ، أو فهمِ شيء بسهولة، يأتي إحساس أني ذكي جدًّا، وأني أفضل، وأفهم، وأذكى منهم...
وعند الفهم السريع أو الحفظ، يأتيني بأني لا أحتاج للزيادة، فماذا أفعل؟ وفي الصلاة يأتي بوسواس الموت، ويصوّر الصلاة كأنك ذاهب للموت لا للصلاة، وكأن الصلاة محل الوسوسة، فاتركها لترتاح من هذا الوسواس؟ هذا في الدراسة، والصلاة.
أرجو إجابة جيدة شبابية شافية، مدعومة بآيات وأحاديث شريفة، ومواقف؛ لأن الإجابة ستبرز عندي، وأطلع عليها من حين لآخر. جزاكم الله الفردوس.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن من أغراض الشيطان الكبرى إحزان المؤمنين، والتشويش عليهم، وإبعادهم عما فيه مصلحتهم؛ قال تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا {المجادلة:10}، وقال تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ {آل عمران:175}.
والواجب على المسلم أن يحذر كيد الشيطان ووسوسته، وألا يمكّنه من أن يلقي في نفسه ما من شأنه أن يبعده عن ربه تبارك وتعالى، كوسواس الموت الذي يعرض لك إذا أردت الصلاة، وألا يمكّنه كذلك من أن يلقي في نفسه ما يحول بينه وبين التفوق، كأن يحبطه، أو يشعره أنه لن يفلح، ونحو ذلك مما يلقيه في النفس؛ ليصدك عن التفوق، والمذاكرة.
فعليك أن تجتهد، وتبذل وسعك، وتتوكل على ربك تبارك وتعالى، وتستعين به؛ ففي ذلك الخير الكثير.
وأما ما تراه من نفسك من تفوق، وسرعة حفظ، فهو مِنّة من الله تعالى، فاحمد الله عليها، وسله المزيد من التوفيق.
واعلم أن الخير كله بيد الله تعالى، وأنه من لم يوفّقه الله تعالى، فلن يفلح، فاحرص على الأخذ بأسباب التوفيق، ومن أهم ذلك الحفاظ على الفرائض، والإكثار من النوافل، وصحبة الصالحين، ولزوم الذكر والدعاء.
وكلما عرض لك نزغ من نزغات الشيطان ووسواسه، فتعوذ بالله من ذلك، وامضِ في طريقك، مستعينًا بالله تعالى، مفوضًا أمورك كلها إليه سبحانه، فإن الخير كله بيديه سبحانه وبحمده.
والله أعلم.