السؤال
حكم قول: "بما أن الله ربط الشياطين في رمضان، فكيف بفلان -وكان الشخص حاضرًا- غير مربوط إلى الآن"؟ وكان هذا الحديث في رمضان، فضحكت وضحك أهلي، وقصوا القصة لأقاربنا، وأنا كنت موجودًا حينما حكوها لهم، وأنا الآن أتوب من الاستهزاء بالحديث، ومن سوء الأدب، فما حكم أهلي وأقاربنا: هل هم كفار؟ ولو توفي أحد منهم، فهل ندعو الله أن يغفر له، ويرحمه؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يظهر لنا -والله أعلم- أن في ما ذكرته استهزاء بالدِّين، ولا بالسنة النبوية، وإنما هو مزاح، أو تعريض بذلك الشخص -كما هو ظاهر-، فالتعبير بالربط ليس فيه سوء أدب مع السنة، فالتصفيد، والتسلسل الوارد في الحديث معناه: الربط بالأصفاد، والسلاسل، بل جاء لفظ: الربط في السنة، ففي الحديث الصحيح: فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى جَنْبِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ. رواه البخاري، وغيره. ولكن يخشى من أن يكون الإصغاء لتلك الجملة، والضحك منها نوعًا من السخرية بذلك الشخص، أما إدخال ذلك في الاستهزاء بالدين، وبالسنة، والتكفير به، فهو من الوساوس، والتنطع.
وعلى كل حال؛ فإن من القواعد المقررة في باب التكفير: أن المسلم لا يكفر، ولا يخرج من الإسلام إلا بيقين، والقول أو الفعل المحتمل للكفر وغيره، ينبغي حمله على عدم الكفر، جاء في شرح الشفا لعلي القاري: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجهًا تشير إلى تكفير مسلم، ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه، فينبغي للمفتي، والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجًا، فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو، خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي، والحاكم. اهـ.
فأهلك باقون على أصل إسلامهم، ولا يسوغ لك تكفيرهم.
وراجعي حول المراد بتصفيد الشياطين في رمضان الفتوى: 139878.
والله أعلم.