السؤال
لقد أذنبت بحق نفسي ذنبًا كبيرًا، فمنذ أربع أو خمس سنوات كنت على علاقة بشخص متزوج، وعدني بالزواج، وتمادت العلاقة بيننا إلى ممارسات جنسية، ولكني كنت أحرص أن تكون سطحية (ملامسة الفرج للفرج)، وهو كان حريصًا أيضًا على عدم المساس بعذريتي، ولكني في أحد الأيام وجدت القليل من الدم على عضوه الخاص، ولم أحس نهائيًّا بأي ألم أو إيلاج، أو خلافه، ولم نكن في الوضع التقليدي للممارسة، بل كان من الخلف، وبعدها قطعت علاقتي بهذا الشخص نهائيًّا، حتى أنني قمت ببعض التغييرات بعملي؛ لتجنب التعامل معه، لكني لم أستشر أي طبيبة بخصوص الدم، ظنًّا مني أنه جرح سطحي.
وبعد أربع سنين على قطعي العلاقة بهذا الرجل أراد الله لي أن أفحص نفسي، واكتشفت الكارثة من شهر، وأنا متأكدة من النتيجة؛ لأني سألت أكثر من متخصص من خلال الصور، وأنا عندي خلفية طبية تمكنني من التمييز، فأنا متأكدة مما وجدته؛ فقد وجدت قطعًا بالغشاء يكاد يصل إلى المهبل، وصدمت، وانقلبت حياتي رأسًا على عقب، ولست أعرف ما الحكمة من علمي بالموضوع بعد أربع سنين؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات، وأنا مقبلة على فترة حرجة من حياتي الدراسية؟
أسئلتي التي تؤرقني هي:
1-هل ارتكبت الزنى؟
2- هل فقدت عذريتي بهذا الوصف؟
3- ما الحكمة -من وجهة نظركم- في أن أعلم بعد كل هذه المدة؟ أنا الآن مدمرة، فلماذا يريد الله لي أن أتعذب هكذا؟
4- أبي أصبح يلاحق النساء في الفترة الأخيرة، وهذا تصرف غريب منه، فهو قارئ للقرآن، وأمي حزينة، فهل هذا بسبب ذنبي؟.
5- أعتقد أن الله انتقم مني، وأراني حجم خطيئتي في نفسي، وسوف أحمل هذا الدين في رقبتي لله، ولأهلي، ولعائلة هذا الرجل مدى الحياة، ولكني حزينة، فقد عاقبني الله أشد العقاب، فأين عقاب هذا الشخص؟ فهو الذي جرني في البداية، وأنا طاوعته -لا أنكر-، ولكنه ظل يستدرجني، ويلح، ويعرض عليّ أيّ شيء مقابل قضاء الوقت معه بعد ذلك، وكنت أرفض، وأظن أن الله مهما عاقبه، فلن يكون بحجم العقاب الذي أشهده، فقد خسرت نفسي، وأعتقد عذريتي أيضًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالزنى الذي يوجب الحد هو إيلاج الفرج في الفرج الذي لا يحل، فإذا كان الذي حصل بينك وبين الرجل، لم يصل إلى الإيلاج في الفرج، فليس من الزنى الموجب للحد، ولكنه من الزنى المجازي، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. متفق عليه.
وكون هذه الأفعال ليست من الزنى الحقيقي، لا يعني أنّها هينة، ولكنها معصية قبيحة، ومنكر مبين، فقد حرم الشرع مجرد الخلوة بالأجنبية، أو لمس بدنها، بل حرّم النظر إليها بشهوة، فكيف بمن خلت برجل لا يحل لها، ومكنته من هذه الأفعال الفاضحة؟
وليس من اختصاصنا معرفة ما إذا كانت البكارة قد زالت أم لا، فهذا شأن الأطباء المختصين، وانظري الفتوى رقم: 135637.
لكن لا نرى لك أن تشغلي نفسك بهذا الأمر، ولا أن تشغلي نفسك بعقاب الله لهذا الرجل، ولا بمعرفة الحكمة في إثارة الشك في البكارة بعد هذه المدة، ولكن اشغلي نفسك بتحقيق التوبة النصوح، والإقبال على الله، والاجتهاد في الأعمال الصالحة.
واعلمي أنّ قضاء الله كله خير، فهو سبحانه أعلم بمصالحنا من أنفسنا، وأرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وهو يقبل توبة العبد، ولو بلغت ذنوبه عنان السماء، والتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فلا يعاقب على ذنبه في الدنيا، ولا في الآخرة، لا في نفسه، ولا في أهله، قال ابن تيمية -رحمه الله-: ونحن حقيقة قولنا: إن التائب لا يعذب لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعًا، ولا قدرًا... اهـ.
فأبشري خيرًا بقبول التوبة، وأحسني ظنك بربك، ودعي عنك الشكوك والمخاوف التي يلقيها الشيطان في قلبك، ولا تعرضي عن الزواج بسبب هذه الأوهام، ولكن اسألي الله أن يرزقك زوجًا صالحًا، ويهديك لأرشد أمرك.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.