السؤال
سجلت لأمي وأختي الكبيرة مقطعا صوتيا وهم في شقتي وحدهم، وكان الحديث كله شتائم علي ودعاء علي بقطع رزقي وعدم سفري مرة أخرى إلى الخارج، وتجاوز، وكذب على زوجتي، ولم أتكلم معها خوفا من زعل أمي، وعندما علمت أمي بالموضوع غضبت غضبا شديدا، ولا تريد الرد علي في الهاتف؛ رغم أنني أتصل بها كل يوم من تاريخ سفري، وهي لا ترد أبدا مجاملة لأختي، وأقسم بالله أنني بار بها جدا، وأرسل إليها أموالا، وأعطيها عندما أنزل إجازة، ولقد تعبت نفسيا من كره أختي لي، وقولها كلاما باطلا عليَّ لأمي حتى تدعو عليَّ.
وسؤالي: هل أنا عاق لو لم ترد أمي عليّ؟ رغم أنني لم أعصها أبدا، وهي من تحب وتجامل أختي بمقاطعتي لحبها لها، وتفضيلها عليَّ؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على البر بأمك، والاجتهاد في كسب رضاها، نسأل الله تعالى أن يحقق لك مبتغاك، ونوصيك بالدعاء بأن يصلح الله تعالى ما بينك وبينها، وما بينك وبين أختك. والذي يظهر - والله أعلم - أنك قد أخطأت حين قمت بتسجيل هذه المكالمة دون علم أمك وأختك، ففي هذا نوع من التجسس، والتجسس منهي عنه شرعا إلا إذا دعت إليه مصلحة راجحة، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 66591، وبهذا تعلم أنك بهذا التصرف قد عققت أمك، وأسأت إلى أختك، فالواجب عليك التوبة، وبذل الجهد في استسماحهما، وانظر الفتوى رقم: 29785.
ومن المقرر شرعا مراعاة حقوق الأخوة الإسلامية، والحرص على نشر المودة والتراحم والتعاطف، واجتناب كل ما يترتب عليه الشحناء والبغضاء، ويتأكد ذلك في حق ذوي الأرحام، لما للرحم من مكانة عالية، ومقام سام في الإسلام، فتجب صلتها وتحرم قطيعتها كما ثبتت بذلك نصوص القرآن والسنة وإجماع الأمة. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 115407، ورقم: 145359.
فإن كانت هذه التصرفات السيئة تصدر من أختك تجاهك وتجاه زوجتك فهي مخطئة خطأ بينا، وآتية لجملة من المنكرات، وإذا كان الحامل لها على ذلك أن تدعو أمك عليك، فإن ذلك مما يزداد به الإثم، ولكنها تبقى أختا لك، فاصبر عليها، وادع الله لها بالهداية، وانتدب من يصلح بينك وبينها، فإصلاح ذات البين من أفضل القربات وأجل الطاعات، وراجع فيه الفتوى رقم: 50300. فإن تحقق الإصلاح وانتهت عما هي فيه فذاك، وإلا فاهجرها إن رجوت أن ينفعها الهجر، وراجع الفتوى رقم: 21837.
والله أعلم.