الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك أن مشروعكم الاستثماري في الأبقار يتضمن نشاطين:
أحدهما: تربية الأبقار الأمهات لإنتاج الألبان، والمواليد (العجول).
ثانيهما: تسمين العجول، ثم بيعها.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن جوابنا يتلخص فيما يلي:
1) فأما الأبقار الأمهات التي لم ترصدوها للبيع، وإنما لإنتاج اللبن، والعجول، فإنها لا تعتبر عرضًا من عروض التجارة، ولكن تزكى زكاة بهيمة الأنعام من البقر بشروطها، بأن تبلغ نصابًا، وتكون سائمة أكثر الحول، فتخرج زكاتها عند تمام الحول في كل سنة، فمثلًا: لو كان عدد الأبقار ثلاثين، وكانت سائمة أكثر الحول، فإنه تجب فيها تبيع، أو تبيعة -وهو مَا له عَام كَامِل، سمي بِهِ؛ لِأَنَّهُ يتبع أمه، أَو لِأَن قرنه يتبع إِذْنه- ويكون هذا التبيع بين الشركاء بقدر مشاركة كل واحد منهم في المشروع، فمن له النصف في المشروع، فعليه نصف التبيع، ومن له ربع المشروع، فعليه ربع التبيع، وهكذا.
2) وإذا كانت الأبقار مما تجب فيه الزكاة، بأن كانت سائمة، وبلغت نصابًا، فإن كونكم شركاء فيها، لا يؤثر في عدم وجوب الزكاة، إن كان نصيب كل واحد منكم في تلك الأبقار أقل من نصاب؛ لأن الخلطة في بهيمة الأنعام تصير المالين كالواحد، إذا اشتركوا في المراح، والمسرح، والمحلب، وانظر الفتوى: 138615.
3) إن كانت الأبقار أقل من النصاب، أو بلغته، ولكن لم تكن سائمة، فلا زكاة فيها، وانظر الفتوى رقم: 49544. في شروط وجوب زكاة البقر وكيفية زكاتها، والفتوى رقم: 18856 في معنى السوم... وأقوال العلماء في زكاة الأنعام السائمة.
4) العجول قبل بيعها تزكّى مع أمهاتها، فتحسب في العدد، قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَتُهُ: أَنَّهُ مَتَى كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ كَامِلٌ، فَنُتِجَتْ مِنْهُ سِخَالٌ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْجَمِيعِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ... وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِسَاعِيهِ: اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ، يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدَيْهِ، وَلَا تَأْخُذْهَا مِنْهُمْ ... وَالْحُكْمُ فِي فِصْلَانِ الْإِبِلِ، وَعُجُولِ الْبَقَرِ، كَالْحُكْمِ فِي السِّخَالِ ... اهــ.
5) إذا تم بيع العجول، فإن كل واحد من الشركاء ينظر في نصيبه من الثمن، ويستقبل به حولًا، ويزكيه إن بلغ نصابًا - بنفسه، أو بما انضم إليه عنده من نقود أخرى، أو ذهب، أو فضة، أو عروض تجارة - فيخرج منه عند حولان الحول على تملكه ربع العشر، أي: 2.5%.
6) وكذلك ينظر كل واحد من الشركاء فيما ينوبه من الكسب المتحصل من بيع اللبن، فإن بلغ نصابًا بنفسه، أو بما انضم إليه عنده من نقود أخرى، أو ذهب، أو فضة، أو عروض تجارة، فيخرج منه عند حولان الحول على تملكه ربع العشر، أي: 2.5%.
7) لا تجب الزكاة في الأشياء الثابتة في المشروع، والتي لا تهيّأ للبيع؛ كالأثاث، وأدوات التبريد والتكييف، وأدوات المكاتب من أجهزة الاتصال، ونحوها، إضافة إلى السيارات المستخدمة لمصالح المشروع -إن كانت موجودة-.
8) الدَّين لا يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة، ومنها بهيمة الأنعام، كما بيناه في الفتوى رقم: 298165. فكون بعض الشركاء عليه أقساط، هذا لا يمنع وجوب الزكاة عليه في البقر.
وأما الأموال الباطنة، كالنقود، فإن الدَّين يمنع الزكاة فيها، فمن كان عليه أقساط، وليس عنده أموال أخرى زائدة عن حاجته يمكنه جعلها مقابل الدَّين، جاز له أن يخصم قيمة الأقساط التي عليه من النقود التي وجبت زكاتها، فيخصم تلك الأقساط، ويزكي بقية النقود، إذا لم تَقِلَّ عن النصاب.
9) النصابُ من الأوراق النقدية الحالية، هو ما يساوي خمسة وثمانين جرامًا من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جرامًا من الفضة، فإن بلغت النقود نصابًا من هذا أو ذاك، وجب إخراج ربع العشر منها، أي: 2.5%.
والله تعالى أعلم.