السؤال
أنا أؤمن بأن الله يتكلم بمشيئته متى شاء، كيف شاء، وأن كلامه صفة ذات، وصفة فعل، وأنه يكلم من شاء، يجدد كلامه بلا تشبيه، ولا تكييف. وأؤمن أن القرآن كلام الله حقيقة لا عبارة، وأن الله يتكلم بالصوت، والحرف، ولكني أعتقد أن القرآن قديم، تكلم الله به في القدم، ولم أقتنع بقول من يقول بحدوث القرآن؛ لهذا فإني أعتقد أنه كلام الله القديم، غير مخلوق، ولا محدث، وأن حروفه قديمة. وعندي على ذلك أدلة من أقوال السلف، وأكثر من 20 عالمًا من الخلف، كلهم من علماء السنة؛ لهذا فإني لم أقتنع بمن خالف ما أعتقده، وأنا مصر على أن أعتقد أن القرآن قديم، أول، غير محدث، ولا مخلوق، وأن حروفه قديمة، وهي عين كلام الله. أقتنع بهذا، بسبب أقوال العلماء الكثيرة في ذلك؛ فبناء على ما ذكرت لكم: هل أنا مبتدع، أو ضال، أو شيء آخر أخطر منه -والعياذ بالله-؟ وما حكمي عندكم هل تقبلون عقيدتي التي ذكرت لكم، ولا شيء عليّ؛ لأني مقتنع بها، وعندي الأدلة عليها عن كثير من العلماء؟ فأنا أخاف أن أقع في كفر، أو بدعة، أو نحوها، لا سيما أني كثير الوساوس.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته هو مذهب أهل السنة والجماعة، الذي تؤيده نصوص الوحيين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- في الفتاوى: وأما أهل السنة، وأئمة السنة، وكثير من أهل الكلام، كالهاشمية، والكرامية، وأصحاب أبي معاذ التومني، وزهير اليامي، وطوائف غير هؤلاء يقولون: إنه صفة ذات وفعل، هو يتكلم بمشيئته، وقدرته، كلامًا قائمًا بذاته، وهذا هو المعقول من صفة الكلام لكل متكلم، فكل من وصف بالكلام من الملائكة، والبشر، والجن، وغيرهم، فكلامهم لا بد أن يقوم بأنفسهم، وهم يتكلمون بمشيئتهم، وقدرتهم، والكلام صفة كمال لا صفة نقص، ومن تكلم بمشيئته، أكمل ممن لا يتكلم بمشيئته، فكيف يتصف المخلوق بصفات الكمال دون الخالق. اهـ.
والقرآن كلام الله، غير محدث، بمعنى غير مخلوق، لكن الله تعالى يتكلم متى شاء، بكلام بعد كلام، كما كلم آدم، ثم كلم موسى، وسيكلم المؤمنين في الآخر، وهذا معنى قولك: يجدد كلامه.
ومن قال من الأئمة إن الكلام قديم، فمراده أنه غير مخلوق، لا نفي تجدد الكلام. ولمزيد من توضيح هذه المسألة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 54133
وننصحك بالبعد عن الوسوسة، والإعراض الكلي عن الاسترسال مع الشيطان فيها؛ فإن الإعراض عنها هو أحسن علاجاتها.
والله أعلم.