السؤال
ظُلِمْتُ ظلمًا شديدًا من طرف أحد أقاربي، ومع علم أهله بظلمه لي، فإنهم لم يعاتبوه، ومع عدم احتمالي حرارة النار التي في قلبي اكتفيت بقول: حسبي الله ونعم الوكيل بيني وبين نفسي، مع نيتي عدم زيارتهم، أو ملاقاتهم، وخلال قراءتي للحديث التالي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم". رواه مسلم، وخشيت أن تكون أدعيتي لله عز وجل غير مستجابة؛ لأنني قررت قطع صلة الرحم معهم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج عنك، وأن يعيذك من أن تظلمي، أو تُظلمي، وقد بينا في الفتوى رقم: 262477، أن الدعاء على القريب الظالم بقدر ظلامته جائز.
ودعاؤك ليس فيه تعد، فإنك إنما سألت الله الحسب يعني: الكفاية أن يكفيك من ظلمه لك، والحديث المذكور لا يتناولك ـ إن شاء الله ـ فأنت لم تدعي بقطع الرحم، وإنما دعوت الله أن يكفيك ظلمه، ثم إن معنى الحديث: أن الدعوة بقطيعة الرحم لا تستجاب، لا كل الدعوات، قال ابن علان في دليل الفالحين: ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم ـ أي: فلا تجاب تلك الدعوة المقترنة بشيء من ذلك؛ لأن الإجابة تنتفي عن سائر الدعوات غيرها إذا دعا بهما، كما قد يتوهم، ونظيره حديث: الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن ما لم تغش الكبائر ـ أي: فإن الكبائر غير مكفرة، لا أن الصغائر غير مكفرة حينئذٍ، والله أعلم. انتهى.
وننبهك على أنه لا يجوز لك قطيعة قريبك إن كان ممن تلزمك صلته، ولمعرفة ماهية الرحم التي تجب صلتها راجعي الفتوى رقم: 11449.
ولكن لك أن تنتقلي إلى نوع آخر من الصلة لا تتأذين به، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 149445.
والله أعلم.