السؤال
أشكركم على هذا الموقع الرائع، أعرف أن السؤال عن العرس المختلط قد طرح من قبل، وأعرف أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لكنه من جهتي ومن جهة خطيبي نريد عرسا إسلاميا بسيطا لا اختلاط ولا تبرج ولا موسيقى ولا رقص، وعدم الغناء الفاحش أو البذيء، ولا أي منكر، لكن عائلتي ترفض تماما هذا الأمر، وقد تصل الأمور معهم إلى أن يمنعوا هذا الزواج بسبب العرس، مع العلم أن مدة خطبتي هي 3 سنوات، وأنا متعلقة جدا به، ولكي لا أقع في هذه المشاكل وصلت معهم إلى اتفاق وهو أن تحضر العائلة المقربة فقط ـ أخوات وإخوان، والأب والأم وأولادهم ـ وأن تكون أناشيد إسلامية بدون الموسيقى، ولن أقوم بشيء من الزينة، لأنه سيكون من بينهم من ليسوا من محارمي فوافقوا، لكنني أخاف أنهم سيسايرونني فقط، وعندما يحل اليوم الموعود لن يلتزموا بالاتفاق، فهل سأكون مذنبة؟ كما أنهم يسرفون في التجهيزات ويربطون ذلك بمستواهم وبأن ذلك مسألة كرامة، فهل سأعتبر آثمة؟ وخطيبي كذلك يعاني كثيرا، لأنه لا يريد أن يكون ديوثا، حاولت أن أقنعهم بكل ما أوتيت من طاقة اعتمادا على فتواكم رقم: 8283، فينتهي النقاش بالبكاء ويتهمونني بالأنانية وأنني لا أريد إسعادهم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله لنا ولك التوفيق إلى كل خير، وجزاك الله خيرا على حرصك على أن يكون الزواج إسلاميا وبعيدا عن المنكرات التي اعتادها الناس من الاختلاط والموسيقى ونحوهما، ونسأله تبارك وتعالى أن ييسر لك ذلك، وللمزيد فيما يتعلق بالزواج الإسلامي راجعي الفتويين رقم: 22389، ورقم: 8283.
والمسلم لا يؤاخذ بجريرة غيره مما ليس له سبب فيه، قال تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{الأنعام:164}.
فلو أن أهلك أتوا أمرا منكرا كالحفل المختلط والموسيقى أو الإسراف والتبذير، فلا يلحقك إثم في ذلك، بشرط عدم مشاركتك إياهم فيما اشتمل على منكر، فلا يجوز للمسلم شهود المنكر إلا بقصد صحيح كالإنكار مثلا، فإذا انتقلت إلى مكان آخر من البيت لا ترين فيه المنكر ولا تسمعينه لم يلحقك الإثم، قال الرحيباني الحنبلي: وإن علم المدعو به ـ أي: بالمنكر ـ ولم يره، ولم يسمعه، أبيح له الجلوس والأكل نصاً، لأن المحرم رؤية المنكر وسماعه، ولم يوجد. اهـ.
ويحرم عليك وضع حجابك عند وجود من ليسوا محارم لك، سواء كانوا من أقارب الزوج أم غيرهم، قال الله عز وجل: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ... الآية {النور:31}.
وكذلك الحال بالنسبة لخاطبك لا يجوز له إقرار أهله على منكر أو إعانتهم عليه، فإن فعلوا ما لم يكن له تسبب فيه أو إعانة عليه، فالإثم عليهم، لا عليه، ولا يجوز له شهود مكان المنكر ـ كما أسلفنا ـ
ونوصي بتحري الحكمة والتناصح بالحسنى، فيجمع المسلم بين ثباته على مبادئه والرفق بالمدعوين وبيان الحق لهم بأسلوب طيب، وعليكما بالاستعانة بالله أولا، ثم بكل من يمكن أن يعينكم في هذا السبيل من الفضلاء والعقلاء من أهلك أو أهل الخاطب.
والله أعلم.