السؤال
فحسب علمي أن تعريف التعريض في القول هو أن يقول الإنسان كلامًا يحتمل أكثر من معنى، ويقصد معنى غير الذي يتبادر لذهن السامع، وسؤالي هو إذا كان بعض الناس يتطفلون، ويسألون عن أمور شخصية خاصة بي، ولا أريدهم أن يعرفوها، وأردت أن أعرض لهم في القول، فهل يجب أن أكون مستحضرًا عندما أجيبهم بكلام عام المعنى غير المتبادر للذهن الذي أقصده في لحظة إجابتي لهم؟ أم يكفي أن يكون كلامي عامًا يحتمل أكثر من معنى؟ علمًا أن هذا يصعب جدًّا في بعض الأحيان؛ لأن الموقف يتطلب جوابًا سريعًا، وإذا لم أستحضر في ذهني هذا المعنى فهل أكون قد وقعت في الكذب؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بيّن النووي - رحمه الله - معنى التعريض وضابطه، في الأذكار حيث قال: واعلم أن التوريةَ، والتعريضَ معناهما: أن تُطلقَ لفظًا هو ظاهرٌ في معنى، وتريدُ به معنىً آخر يتناوله ذلك اللفظ، لكنه خلافُ ظاهره، وهذا ضربٌ من التغرير، والخداع، قال العلماء: فإن دعتِ إلى ذلك مصلحةٌ شرعيةٌ راجحةٌ على خداعِ المخاطب، أو حاجة لا مندوحةَ عنها إلا بالكذب، فلا بأس بالتعريض، وإن لم يكن شيءٌ من ذلك، فهو مكروهٌ، وليس بحرام، إلا أن يُتوصَل به إلى أخذ باطل، أو دفع حقّ، فيصيرُ حينئذ حرامًا، هذا ضابطُ الباب. انتهى.
وعلى من احتاج إلى استعمال المعاريض أن ينوي، أو يقصد عند التعريض المعنى الذي يحتمله الكلام، وإلا وقع في الكذب، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: فإن المعاريض عند الحاجة، والتأويل في الكلام، وفي الحلف للمظلوم بأن ينوي بكلامه ما يحتمله اللفظ، وهو خلاف الظاهر، كما فعل الخليل صلى الله عليه وسلم، وكما فعل الصحابي الذي حلف أنه أخوه، وعنى أنه أخوه في الدين، وكما قال أبو بكر -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم: رجل يهديني السبيل. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم للكافر الذي سأله ممن أنت؟ فقال: نحن من ماء. إلى غير ذلك أمر جائز. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 26391، 139175.
والله أعلم.