السؤال
هل يجوز جمع التبرعات من المبتدعة والروافض والقبوريين وغيرهم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا نرى حرجًا في جمع التبرعات من هؤلاء المذكورين في السؤال؛ لأن من لم تبلغ بدعته الكفر الأكبر فهو مسلم من جملة المسلمين، وينتفع بصدقته في الآخرة، ومن بلغت بدعته الكفر الأكبر جاز له التصدق أيضًا؛ لأنه لا يشترط في المتصدق أن يكون مسلمًا، بل الكافر له التصدق ويثاب عليه في الدنيا؛ جاء في حاشية البجيرمي من كتب الشافعية: الْكَافِرَ لَهُ الصَّدَقَةُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا، إمَّا فِي الدُّنْيَا مِنْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَالْبَنِينَ، أَوْ فِي الْآخِرَةِ بِتَخْفِيفِ الْعَذَابِ ... اهـ.
وأجاز الفقهاء وقف الكافر -والوقف صدقة جارية-؛ جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ مُسْلِمًا، فَإِنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ مِنَ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلتَّعَبُّدِ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَصِحُّ مِنَ الْكَافِرِ أَصْلًا، بَلِ التَّقَرُّبُ بِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى نِيَّةِ الْقُرْبَةِ، فَهُوَ بِدُونِهَا مُبَاحٌ حَتَّى يَصِحَّ مِنَ الْكَافِرِ، كَالْعِتْقِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ, إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ مِنَ الذِّمِّيِّ .. اهـ.
وقال الإمام النووي في المجموع: أما إذا فعل الكافر الأصلي قربة لا يشترط النية لصحتها، كالصدقة، والضيافة، وصلة الرحم، والعتاق، والقرض، والعارية، والمنيحة، وأشباه ذلك، فإن مات على كفره فلا ثواب له عليها في الآخرة، لكن يطعم بها في الدنيا ويوسع في رزقه وعيشه .... اهـ.
والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني