الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصوص الفقهاء الأقدمين ومسألة لبس المرأة للبنطلون

السؤال

عند السادة الحنابلة كما قال ابن مفلح في الفروع الجزء الأول صفحة 299-300 طبعة دار الكتب العلمية " ويكره تغطية الوجه .... ، وشد وسط بما يشبه الزنار ، نص عليه وعنه لا ، زاد بعضهم : إلا أن يشده لعمل الدنيا فيكره ، نقله ابن إبراهيم ، ويكره للمرأة ، وعنه يكره المنطقة ، وزاد بعضهم وفي غير صلاة . ا هــ .
والبهوتي في كشاف القناع في الجزء الأول في الصفحة 258طبعة عالم الكتب " ويكره لامرأة شد وسطها في الصلاة ولو بغير ما يشبه الزنار لأن ذلك يبين حجم عجيزتها وتقاطع بدنها ، والمطلوب ستر ذلك ، ومفهوم كلامه : أنه لا يكره لها شد وسطها خارج الصلاة بما لا يشبه الزنار . قال في حاشية التنقيح : لأن شد المرأة وسطها معهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبله ، كما صح أن هاجر أم إسماعيل اتخذت منطقاً ،وكان لأسماء بنت أبي بكر نطاقان ، وأطلق في المبدع والتنقيح والمنتهى : أنه يكره لها شد وسطها ."ا.هــ . وقال في صفحة 259 " ويكره للنساء لبس ما يصف اللين والخشونة والحجم لما روي عن أسامة بن زيد قال :(كساني الرسول صلى الله عليه وسلم قبطة كثيفة ، كانت مما أهدى له دحية الكلبي ، فكسوتها امرأتي فقال صلى الله عليه وسلم " مالك لا تلبس القبطية ؟" قلت : يا رسول الله كسوتها امرأتي .فقال : " مرها فلتجعل تحتها غلالةً ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها .ا هــ .
السادة الشافعية : قال في أسنى المطالب : ويكفي جرم يدرك الناس منه حجم الأعضاء كالسراويل الضيقة ، قوله "لكنه خلاف الأولى " أي للرجل أما المرأة والخنثى فيكره لهما .اهــ .
قول السادة المالكية : قال صاحب المنتقى شرح الموطأ " الجزء الأول صفحة 251 طبعة المكتب الإسلامي ": ويكره الرقيق الصفيق من الثياب لأنه يلصق بالجسد فيبدو حجم ما تحته، وفيه بعض الوصف لما تحته .ا هــ .
وقال في حاشية الدسوقي ج1 ص151: قوله: (وكره لباس محدد) أي كره لبس لباس محدد للعورة ولو بغير صلاة، وإنما قدرنا لبس لأن الأحكام إنما تتعلق بالأفعال. قوله: (لرقته) أي وإنما حددها بذاته لأجل رقته أي والفرض أنه لا تبدو منه العورة أصلاً أو تبدو منه مع التأمل، وتقدم أن كراهة لبسه للتنزيه على المعتمد لا للتحريم. قوله: (كحزام) أي على ثوب غير رقيق، فالثوب المذكور محدد للعورة بسبب الحزام، اهـ .
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا: يجب الستر بما يحول بين الناظر ولون البشرة، فلا يكفي ثوب رقيق يشاهد من ورائه سواد البشرة أو بياضها، ولا يكفي أيضاً الغليظ المهلهل النسج الذي تظهر العورة من خلاله، فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوهما صحت الصلاة فيه لوجود الستر. انتهى .
هل هذا يدل على كراهية لبس البنطال وليس تحريمه بالنسبة للرجال والنساء- بين النساء والمحارم فقط؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :

فقد أكثرت أيتها السائلة عن السؤال عن حكم لبس المرأة للبنطلون كثرة غير محمودة ، والنصوص التي نقلتها عن الفقهاء بعضها لا علاقة لها بلبس الضيق، وإنما بالتشبه بالكفار؛ كشد الوسط بما يشبه الزنار، وبعضها في عورة الصلاة لا في عورة النظر، وكثير من العلماء فرقوا بين عورة الصلاة وعورة النظر، فلا يعني جواز إظهار بعض الأعضاء في الصلاة أنه يجوز إظهارها في خارج الصلاة ، وما كان من تلك النقول الفقهية منها في كراهة لبس ما يجسم العورة فإنه لا يكفي في الحكم على لبس البنطال بالنسبة للمرأة بالكراهة؛ لأن لبس البنطلون يكتنفه محظور آخر أيضا هو التشبه بالرجال، وأيضا فإن النساء توسعن في الأمر بما لم يكن معهودا زمن أؤلئك الفقهاء حين كتبوا ما كتبوه، ولو رأوا ما يفعله نساء زماننا لكان حكمهم أشد ، فلا نرى أن النصوص السابقة للفقهاء يلزم منها إطلاق الحكم على لبس المرأة للبنطلون بأنه مكروه لا محرم.

وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في لبس المرأة للبنطلون، ولبس الرجل للبنطلون بما يغني عن الإعادة هنا.

ونرجو أن يكون سؤالك هذا هو الأخير في هذا الموضوع ، فانظري الفتوى رقم: 132031 عن لبس الرجل للبنطلون وصلاته فيه ، والفتوى رقم: 145177 عن لبس المرأة للبنطلون، ومثلها الفتوى رقم: 153327 .

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني