السؤال
أعاني من الوسوسة في الوضوء والصلاة، ولدي بعض الأسئلة: فعند غسل الوجه، هل يجب غسل الشعر الموجود أمام الأذن ـ المحاذي للأذن أو ما يعرف عند السعوديين بالزلف ـ مع غسل الوجه؟ أم أمسحه فقط عند مسح الرأس؟ عند مسح الرأس هل يجب عند تبليل اليدين أن يصل الماء إليها كلها ـ كامل باطن الكف ـ ثم المسح؟ أحيانا بالخطأ يلمس كفي ملابسي وذلك عند مسح مؤخرة الرأس، قرأت الكثير من الفتاوى على موقعكم حول صفة مسح الأذنين، فأنا أبلل سبابتي وإبهامي، ومن ثم أدخل السبابتين في فتحة الأذن وأمسح الفتحة وأقوم بإدارة إصبعي عليها وأمسح بإبهامي ظاهر الأذن، ولا أتتبع معاطف الأذن من الداخل ولا أمسحها، فهل هناك خطأ؟ ومن كثرة ما أدير سبابتي في فتحة الأذن أصبحت أصاب بالتهاب في الأذن بسبب ذلك ولا يلبث أن يزول حتى يعود مرة أخرى وقد نصحني الطبيب مرة عندما يحدث لي الالتهاب بأن لا أوصل الماء إلى فتحة الأذن، فكيف أفعل ذلك عند الوضوء والاغتسال؟ وهل يكفي إدخال السبابتين إلى فتحة الأذنين من دون إدارتهما؟ وهل يشترط أن يمسح على كامل ظاهر الأذن؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك ويصرف عنك السوء ويهديك لأرشد أمرك، واعلم أن الوسوسة من الشيطان, وأن الشريعة ليس فيها مشقة على العباد, كما قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.
فهي مبنية كلها على اليسر ورفع الحرج على العباد، ومنها: الوضوء والصلاة، وقد بينا مرارا وتكرارا أن علاج الوساوس الذي لا علاج لها غيره ولا أنجع منه هو الإعراض عنها وعدم الاكتراث بها ولا الالتفات إلى شيء منها، وانظر الفتويين رقم: 51601ورقم: 134196.
وأما سؤالك عن الشعر الذي يكون أمام الأذن ـ والذي سميته بالزلف ـ فإن كنت تعني به ما يعرف عند الفقهاء بالعذار وهو الشعر النابت على العظمين الناتئين ـ أي البارزين، المسامت لصماخ الأذن ـ أي: ثقبها ـ فهذا الشعر من الوجه ويجب غسله عند غسل الوجه، قال ابن قدامة في المغني: وَيَدْخُلُ فِي الْوَجْهِ الْعِذَارُ، وَهُوَ الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ الَّذِي هُوَ سَمْتُ صِمَاخِ الْأُذُنِ، وَمَا انْحَطَّ عَنْهُ إلَى وَتَدِ الْأُذُنِ. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: قَال الْفُقَهَاءُ: الْعِذَارُ ـ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ أَيِ: الْمُرْتَفِعِ الْمُسَامِتِ صِمَاخَ الأْذُنِ وَهُوَ خَرْقُهَا ـ مِنَ الْوَجْهِ فَيُغْسَل مَعَهُ. انتهى.
وأما إن كنت تعني به شعر الصدغ, وهو الشعر المسامت لرأس الأذن فهذا من الرأس، ويمسح مع الرأس, قال ابن قدامة في المغني: فَأَمَّا الصُّدْغُ، وَهُوَ الشَّعْرُ الَّذِي بَعْدُ انْتِهَاءِ الْعِذَارِ، وَهُوَ مَا يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ وَيَنْزِلُ عَنْ رَأْسِهَا قَلِيلًا، وَالنَّزْعَتَانِ وَهُمَا مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ الرَّأْسِ مُتَصَاعِدًا فِي جَانِبَيْ الرَّأْسِ، فَهُمَا مِنْ الرَّأْسِ. انتهى.
وأما تعميم الماء على باطن اليد كلها فلا يجب، ولكن الواجب أن يكون المسح بماء جديد، ففي كتاب رد المحتار: من كتب الحنفية عند كلامه عن المسح في التيمم، قال: قَوْلُهُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَأَكْثَرَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْبَحْرِ بِالْيَدِ، أَوْ بِأَكْثَرِهَا فَلَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعَيْنِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَرَّرَ حَتَّى اسْتَوْعَبَ، بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ إذَا مَسَحَهَا مِرَارًا بِأُصْبُعٍ، أَوْ أُصْبُعَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ لِكُلٍّ حَتَّى صَارَ قَدْرَ رُبُعِ الرَّأْسِ صَحَّ. انتهى.
فالأيسر والأحوط تعميم الماء على باطن اليدين كليهما عند مسح الرأس، ولا يضر مس الثياب بالكفين عند مسح مؤخرة الرأس، لأنك تكون قد أديت الواجب قبل مس الثياب، قال الحافظ في الفتح عند شرحه لحديث: فأقبل بهما وأدبر: وَالْمَشْهُورُ عَمَّنْ أَوْجَبَ التَّعْمِيمَ أَنَّ الْأُولَى وَاجِبَةٌ وَالثَّانِيَةَ سُنَّةٌ. انتهى.
وهذا على فرض أن مس الثياب سيؤدي إلى جفاف الكفين، قال الخرشي المالكي في شرحه مختصر خليل: وإذا جفت اليد قبل تمام المسح جدد، بخلاف ما لو جفت في الرد فلا. انتهى.
والله أعلم.