الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التقدم لجهة عمل بعض أنشطتها بيع الخمور

السؤال

أنا فتاة ‏عمري إحدى وعشرون سنة، وعلى قدر كبير من العلم، وقد تخرجت من كلية مرموقة، و‏جاءتني فرصة عمل مدهشة لا يمكن ‏أن تتوافر لأحد في مثل سني في ‏المطار، لكني أخشى أن أقبل الوظيفة ‏لأن المكان الذي سأعمل به يبيع ‏الخمور، مع العلم أنني لن أبيعها ‏ولن أمسكها، ولن أكون مسؤولة عن ‏هذه الخمور من أي جهة كانت، و‏لأنني ما زالت في مرحلة الاختبارات ‏فجميع الناس قالوا لي أن أقول في ‏المقابلة الشخصية إنني لا أمانع في ‏بيع الخمر لكي آخذ الوظيفة، وعندما ‏آخذها يمكنني الرفض، ولكني قررت ‏أن أقول الصراحة إيمانا مني بأن من ‏يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه ‏من حيث لا يحتسب.
ولكن سؤالي ‏هنا: إن قبلت في هذه الوظيفة مع ‏قولي الصريح أنني لن أبيع الخمر، أو ‏أكون مسؤولة عنها بأي شكل من ‏الأشكال. هل يكون مجرد عملي في ‏المكان حراما، ويكون ما سوف ‏أتقاضاه من مرتب يدخل في ما يسمى ‏بالسحت؛ لأن المال يدخل الخزينة كله ‏بغض النظر عن مصدره ؟
أرجو ‏الإفادة السريعة وشكرا لك وجزاكم ‏الله كل خير عنا.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على تحريك للحلال، وتثبتك مما تودين الإقدام عليه. نسأل الله تعالى أن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك، ويكره إليك الكفر والفسوق والعصيان.

وأما هذه الفرصة التي تذكرين، فقد تكون فرصة دنيوية نعم، لكنها ليست فرصة أخروية، ولذا ننصحك بعدم قبولها، وذلك من جهتين:

أولهما: أن عمل المرأة في الأماكن المذكورة تحفه كثير من المحاذير الشرعية، والسلامة منها غير محققة.

ثانيهما: أنه إذا كنت في هذه الوظيفة تحضرين مكان المنكر، وتشاهدين بيع الخمر، فإنك لن تنكري بيعها بلسانك -كما هو معلوم- وغاية ما يمكنك أن تنكري بقلبك، وحضور المسلم مواطن المنكرات على هذا النحو دون حاجة ملجئة لا ينبغي.

فالأسلم لدينك وخلقك الانصراف عن هذه الوظيفة، ولعل الله تعالى يعوضك خيرا منها، واعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ومن اتقاه يسر أمره ورزقه من حيث لا يحتسب؛ قال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2-3}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته. رواه ابن مردويه، وحسنه الألباني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني