السؤال
عندنا في الجزائر وبالضبط في الولاية التي أعيش فيها عشيرة ـ قبيلة ـ يعظمها الناس ويتوسلون بها لقضاء حوائجهم من كشف كربات وتزويج البنات العانسات حتى إن بعض الجهال ينذرون لها النذور ويقربون لها القرابين إن قضيت حوائجهم، وهذا كله لاعتقاد الناس أن أهل هذه القبيلة قوم صالحون مع أنهم غير ذلك، أضف إلى ذلك أن الأموال المقدمة كنذور وقرابين تجمع لفائدة المسجد للقيام بشؤونه، نرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا حكم توجيه هذه الأموال لفائدة المسجد، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أولا أن التوسل منه الجائز ومنه الممنوع، فالجائز منه هو التوسل بدعاء الرجل الصالح الحي، وأما التوسل بجاه شخص أو منزلته عند الله ونحو ذلك فبدعة على الراجح، وأما دعاء غير الله وطلب قضاء الحاجات وتفريج الكربات مما لا يقدر عليه إلا الله: فهذا من الشرك الأكبر ـ والعياذ بالله ـ وكذا صرف كل عبادة إلى غير الله، فإن هذا من الشرك المخرج عن الملة -والعياذ بالله- كالنذر لغير الله أو الذبح لغير الله ونحو ذلك، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 172463، 156643، 101166، 145649.
وبه تعلم أن ما يفعله هؤلاء الناس يشتمل على أمور من الشرك الأكبر -والعياذ بالله- على ما فهمناه من السؤال.. فالواجب مناصحتهم وأن يبين لهم معنى لا إله إلا الله، وأنها تقتضي ألا يصرف شيء من العبادات لغير الله سبحانه، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام:162ـ 163}.
ولا يجوز صرف هذه الأموال في عمارة المسجد ابتداء، بل الواجب ردها إلى أصحابها، لأنها لم تخرج من ملكهم بهذا النذر المحرم الباطل، فإن تعذر معرفة أعيانهم فإن هذه الأموال تصرف في مصالح المسلمين العامة، فلا حرج حينئذ أن يصرف شيء منها في المسجد إن احتيج لذلك، لأنه من جملة مصالح المسلمين، جاء في فتح الله الحميد شرح كتاب التوحيد متحدثا عن النذر المحرم كالنذور للقبور: بل حكم هذه الأموال أن تصرف في مصالح المسلمين إذا لم يكن لها مستحق معين. انتهى.
والله أعلم.