السؤال
أنا شاب تائب وقد التزمت، إلا أنني في بعض الأحيان أشعر برغبة في الرجوع إلى ما كنت عليه، وأحيانا أرجع ثم أتوب، أشعر بأنني ضعيف من الداخل، فماذا أفعل؟ أنا من بلد االمحاضرات الدينية والدروس الدينية ومراكز التحفيظ نادرة لدينا وهيئة الأوقاف ليس لها أي دور في نصح الشباب ونشر الدعوة، لا أعرف ماذا أفعل؟ فقد ابتعدت عن أصدقائي جميعهم، لأنهم لا يثبتونني على ديني وأعتبرهم رفقاء سوء، ولا أجد أحد يثبتني على ما أنا عليه، فما الحل؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من ذاق حلاوة الإيمان والقرب من الرحمن لا يحب أن يرجع إلى ما كان يعهده من المعاصي، وإذا وجد العبد في قلبه حنينًا إلى المعصية واشتياقًا لها، فإن ذلك دليل على ضعف إيمانه وعدم تَمَكُّن الإيمان من قلبه! وعلى هذا، فيجب عليك أن تتخذ الوسائل والتدابير المعينة على زيادة الإيمان، ومن أعظم ذلك دعاء الله سبحانه وتعالى، مع رجائه أن يحبِّب إليك الإيمان ويزينه في قلبك، وأن يكرِّه إليك الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلك من الراشدين! وكذلك قراءة القرآن قراءة طويلة مع التدبر وحضور القلب، طلبًا للهداية وشفاءً للصدر، وكذلك المحافظة على الصلاة في الجماعة في المسجد مع المؤمنين، وأن تعمل جاهدًا على إخلاص العبادة لله، فإن ذلك كفيل بأن يتولى الله تعالى صرف السوء عنك، كما صرفه عن نبيِّه يوسف مِن قبل بسبب إخلاص قلبه لله تعالى.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وَدَوَاءُ هَذَا الدَّاءُ الْقَتَّالُ: أَنْ يَعْرِفَ أَنْ مَا ابْتُلِيَ بِهِ مِنْ هَذَا الدَّاءِ الْمُضَادِّ لِلتَّوْحِيدِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جَهْلِهِ وَغَفْلَةِ قَلْبِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ تَوْحِيدَ رَبِّهِ وَسُنَّتَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ يَأْتِي مِنَ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ بِمَا يَشْغَلُ قَلْبَهُ عَنْ دَوَامِ الْفِكْرَةِ فِيهِ، وَيُكْثِرُ اللَّجَأَ وَالتَّضَرُّعَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي صَرْفِ ذَلِكَ عَنْهُ، وَأَنْ يُرَاجِعَ بِقَلْبِهِ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ أَنْفَعُ مِنَ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ، وَهُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ {سُورَةُ يُوسُفَ: 24} وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ صَرَفَ عَنْهُ السُّوءَ مِنَ الْعِشْقِ وَالْفَحْشَاءَ مِنَ الْفِعْلِ بِإِخْلَاصِهِ، فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا أَخْلَصَ وَأَخْلَصَ عَمَلَهُ لِلَّهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ عِشْقُ الصُّوَرِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَلْبٍ فَارِغٍ... اهـ.
ولتعلم أن تحصيل الإخلاص يكون بالعلم النافع المؤسس على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا؛ وننصحك بالاستماع إلى الأشرطة الدينية النافعة، ونوصيك خصوصًا بخطبة عنوانها: توبة صادقة للشيخ سعد البريك، وخطبة عنوانها: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ـ للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، ودرس بعنوان: على الطريق ـ للشيخ علي القرني، وتجد هذه الأشرطة وغيرها على موقعنا، في صوتيات الشبكة الإسلامية، ومراكز تعليم القرآن والمراكز الدعوية والعلمية موجودة بفضل الله تعالى لمن بحث عنها، وإن لم توجد في ناحية من البلد، فإنها توجد في ناحية أخرى.
ولا يخلو مكان على ظهر الأرض من أناس صالحين يقومون بأمر الله تعالى، ويتواصَون بالخير ويتعاونون عليه، وإنك واجدٌ لهم ـ إن شاء الله ـ لو فتَّشت عنهم، فإذا وجدتهم فانسلك في نظامهم، واعبد الله تعالى معهم، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، ولمزيد فائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 10800، 65356 ، 31768، 59669.
والله أعلم.