السؤال
شيوخي الأفاضل: أنا في حيرة دائمة من أمري لذا قد أجد ضالتي عندكم، وسؤالي حول:
1ـ أنا موظف في إدارة عمومية في الجزائر، وهذه الإدارة مكلفة بإنجاز مشاريع الدولة ـ سكنات اجتماعية، مستشفيات، مدارس..... ولإنجاز هذه المشاريع لابد من توفير الوعاء العقاري حيث يتم اختيار الأرضية المزمع عقد المشروع بها، والمشكلة عندنا أن طبيعة الأراضي ـ عرش ـ أي قانونا ملك الدولة ـ موروث عن الاستعمار الفرنسي ـ لكن بالنسبة للشعب فهي موروثة أبا عن جد، وفي حالة تم تجسيد مشروع فإنه يتم عن طريق نزع هذه الأراضي وبدون تعويض ـ ولا يوجد حل قانوني أو إجراء قانوني للتمكن من تعويض أصحاب الأراضي، فهل هذا الإجراء شيخي الفاضل جائز شرعا، وقصدنا في ذلك نزع المكلية في إطار المنفعة العمومية؟.
2ـ أنا موظف بسيط ليست لدي أي مسؤولية، ومهمتي في هذا الشأن تحرير المداولات والقرارات المتعلقة بالنزاع فلست من يمضي ولا من يقرر، فهل أنا آثم في عملي هذا؟ هذا الأمر يؤرقني وأنا في حيرة من أمري، فهل أمضي في هذا الأمر الذي منه أسترزق؟ وما الحل؟ أجيبوني بسرعة حفظكم الله ورعاكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن ملك المسلم محترم لا يجوز انتزاعه منه، سواء كان المنتزع الدولة أو غيرها، إلا أن توجد مصلحة شرعية معتبرة لا يمكن تحقيقها إلا بانتزاع ملكه منه، فيجوز للدولة ـ فقط ـ أن تنزع ملكه، مع تعويضه التعويض المناسب العادل الذي يساوي قيمة هذا الملك، أما مع عدم تعويضه فهذا الانتزاع غصب محرم شرعا، كما بيناه في الفتوى رقم: 4429.
وعليه، فما دامت هذه الجهة تنتزع الأراضي المملوكة لأصحابها دون تعويض فلا يجوز لك العمل بها فيما فيه إعانة على اعتدائها أو إقرار له، لما في ذلك من الإعانة لها على غصب الممتلكات، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
ومن أعان على معصية فهو شريك لفاعلها في الإثم: فقد لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وقال هم سواء. رواه مسلم.
فلم يجعل الوعيد خاصا بآكل الربا وحده، بل شمل الكاتب والشاهد، لأنهم أعانوا على أكل الربا، فاجتهد في البحث عن مكان آخر لعملك يكون خاليا من المحرمات، فإنك لن تجد فقْد شيء تركته لله، فما تركته لله فسيعوضك خيرا منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه. رواه أحمد وصححه الألباني.
والله أعلم.