الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن ملك المسلم محترم لا يجوز انتزاعه منه، سواء كان المنتزع الدولة أو غيرها، إلا أن توجد مصلحة شرعية معتبرة لا يمكن تحقيقها إلا بانتزاع ملكه منه، فيجوز للدولة ـ فقط ـ أن تنزع ملكه، مع تعويضه التعويض المناسب العادل الذي يساوي قيمة هذا الملك، أما مع عدم تعويضه فهذا الانتزاع غصب محرم شرعا، كما بيناه في الفتوى رقم: 4429.
وعليه، فما دامت هذه الجهة تنتزع الأراضي المملوكة لأصحابها دون تعويض فلا يجوز لك العمل بها فيما فيه إعانة على اعتدائها أو إقرار له، لما في ذلك من الإعانة لها على غصب الممتلكات، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
ومن أعان على معصية فهو شريك لفاعلها في الإثم: فقد لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وقال هم سواء. رواه مسلم.
فلم يجعل الوعيد خاصا بآكل الربا وحده، بل شمل الكاتب والشاهد، لأنهم أعانوا على أكل الربا، فاجتهد في البحث عن مكان آخر لعملك يكون خاليا من المحرمات، فإنك لن تجد فقْد شيء تركته لله، فما تركته لله فسيعوضك خيرا منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه. رواه أحمد وصححه الألباني.
والله أعلم.