السؤال
أنا فتاة في 18 من عمري، أبي ليس له عمل ثابت، فبعد أن تم تسريحه من عمله أصبح يعمل في تخليص المعاملات الحكومية في أحد المكاتب بدون أي راتب ثابت. قد يمر شهر لا يتقاضى فيه أي شيء. لدي أخوان في الجامعة خارج الدولة، ومعظم النقود التي يأخذها الوالد ترسل لهما رسوما للجامعة أو لإيجار شقتهم، ومصروف الأكل واللباس، أو في بعض الأوقات لا ترسل نقود أصلا . أنا طموحة جدا، حصلت على معدل عال جدا في الثانوية العامة، وأريد أن اكمل دراستي، ولكن بالأوضاع التي ذكرتها سابقا الوضع شبه مستحيل. قررت أن أعمل لأساعد عائلتي، وفي نفس الوقت لأكمل دراستي، وقبلت في شركة صغيرة، ولكن الراتب كان منخفضا جدا، يصرف نصفه على الوقود؛ لبعد المكان عن منزلي، وبساعات عمل مرهقة وطويلة مما لم يسمح لي باستكمال دراستي. بعد فترة قصيرة استقلت من هذا العمل واستنجدت الله أن يعاونني، والآن وبدهشة من الجميع قبلت في أكبر البنوك في الدولة براتب عال، وساعات عمل أقل وأنا ليست عندي أي خبرة، وعمري صغير جدا، حمدت الله على ذلك، ووقعت العقد معهم. ولكن بعد فترة أخبرتني صديقتي أن العمل في البنوك حرام. صدمت و لا أعرف ماذا أفعل فهذا العمل فتح لي أبواب عدة لأساعد أهلي، وأطلب العلم كما أمرني ربي، وأدرس الهندسة.
هل العمل في البنك في حالتي حرام ؟
جزاكم الله خيرا ساعدوني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا البنك معاملاته مبنية على أساس أحكام الشريعة الإسلامية، وتقوم عليه جهة رقابة شرعية، فلا حرج عليك في العمل فيه والكسب من خلاله. وأما إذا كانت معاملاته قائمة على التعامل بالربا، فلا يجوز العمل فيه؛ لأن في ذلك إعانة على أكل الربا، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وفي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه. وقال: هم سواء. وفي هذه الحالة تجب التوبة وترك هذا العمل. والكسب الحلال ولو كان قليلا يبارك الله لصاحبه فيه، خير من عمل حرام يكسب منه كثيرا يسخط به ربه، ويمحق له بركته. ومن اتقى الله جعل له مخرجا، ومن ترك شيئا لله عوضه خيرا منه.
وحالتك لا تعتبر ضرورة تبيح المحرم؛ لأن ضابط الضرورة التي يستباح بها المحظور قد ضبطها أهل العلم، وراجعي فيها الفتوى رقم: 162111 والفتوى رقم: 22567. فنوصيك بالدعاء وعدم اليأس من رحمة رب الأرض والسماء، فبيده سبحانه خزائن الرزق ، قال تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ {الحجر:21}.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 112334 ، ففيها بيان أسباب زيادة الرزق.
والله أعلم.