السؤال
أعرض على فضيلتكم هذه القضيّة المتعلقة بالأمانة والمنهجيّة العلميّة. كما هو الحال لدى أغلب أهل السنة والجماعة من مليارات المسلمين الأحياء منهم والأموات، فإني أشعريّ العقيدة مثل جل أئمتنا الأعلام. ويزعم أتباع الشيخ عبد الوهاب (وهم أقلية) فساد هذه العقيدة وأنهم هم وحدهم أهل السنة والجماعة، وهم وحدهم دون سواهم أتباع السلف الصالح والفرقة الناجية. ولقد اشتد استيائي منهم رغم أخوتهم في الإسلام لما اكتشفت تلاعبهم بالعلم وعدم أمانتهم. فلدى بحثي في الإنترنت وجدت أن منهم من حذف عمدا كتابي العقيدة والتصوف من متن ابن عاشر الذي هو أحد المراجع الرئيسيّة في الفقه المالكي وله شروح عديدة، وهو يؤصل الفقه بناء على العقيدة إذ لا عبادات ولا معاملات بدون عقيدة. والعقيدة الأشعريّة توافق ما خالفها من أشهر العقائد في الأصول ولا اختلاف إلا في الفروع، والقاعدة تقول إنّه لا يجب الإنكار في المختلف فيه. ومثلا فإن الشيخ الألباني رحمه الله طبق هذه القاعدة لما أخذ عن الإمام النووي الأشعريّ العقيدة فلم يكفره. وكتاب العقيدة المحذوف جهلا وظلما من متن ابن عاشر من طرف السلفيّين لا يحتوي إلا على الأصول التي لا تخالف ما يدعونه تعصبا وها إني أعرضه على فضيلتكم :
كِتَابُ أُمُّ القواعِدِ وما انطوت عليه من العَقائِدِ
يَجِبُ للهِ الوُجودُ والقِدَمْ كَذَا البَقاءُ والغِنى المُطْلَقُ عَمّ
وَخُلْفُهُ لِخَلْقِهِ بِلاَ مِثالْ وَوَحْدَةُ الذّاتِ وَوَصْفِ والفِعاَلْ
وَقُدْرَةُ إرادَةُ عِلْمُ حَيَاة سَمْعُ كَلامُ بَصَرُ ذي وَاجِباتْ
ويستحيل ضد هذه الصفات العدم الحدوث ذا للحادثات
كذا الفنا والافتقار عُدَّه وأن يماثَلَ ونَفْيُ الوَحْدَهْ
عجز كراهة وجهل وممات وصَمَمُ وَبَكَمُ عَمىَ صُمَاتْ
يجوزُ في حقِّهِ فِعْلُ المُمْكِناتْ بأسْرِها وتَرْكُهَا في العدماتْ
وُجودهُ لَهُ دَليلُ قاطِعْ حاجةُ كُلِّ مُحْدّثِ لِلصَّانِعْ
لو حَدَثَتْ بِنَفْسِهَا الأكْوانُ لاجْتَمَعَ التَّساوِي والرُّجْحَانُ
وذا مُحَالُ وَحُدوثُ العالَمِ مِنْ حَدَثِ الأعْراضِ مع تَلازُمِ
لَوْ لَمْ يَكُ القِدَمُ وَصْفَهُ لَزِمْ حُدُوثُهُ دَوْرُ تَسَلْسُلُ حُتِمْ
لَوْ أمكنَ الفَناءُ لانْتَفَى القِدَمْ لَوْ مَاثَلَ الخَلْقَ حُدُوثُهُ انْحَتَمْ
لَوْ لَمْ يَجِبْ وَصْفُ الغِنى لَهُ افْتَقَرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِواحِدِ لَما قَدَرْ
لَوْ لَمْ يَكُنْ حَيّاَ مُريدََا عَالِمََا وَقَادِرََا لَمَا رَأيْتَ عَالَمََا
والتَّالي في السِّتِّ الٌقَضايا باطِلُ قَطْعََا مُقَدَّمُ إذََا مُمَاثِلُ
والسَّمْعُ والبصرُ والكلامُ بالنقل مَعَ كمالِهِ تُرامُ
لَوْ اسْتَحَالَ مُمْكِنُ أو وَجَبَا قَلْبَ الحَقَائِقِ لُزُومََا أوْجَبَا
يَجِبُ لِلرُّسْلِ الكِرامِ الصِّدْقُ أمانَةُ تَبْليغُهُمْ يَحِقُّ
مُحَالُ الكَذِبُ والمَنْهِيُّ كَعَدَمِ التَّبْليغ يا ذَكِيُّ
يَجوزُ في حَقِّهِمُ كُلُّ عَرَضْ لَيْسَ مُؤدِّيََا لِنَقْصِ كَالمَرَضْ
لَوْ لَمْ يَكُونوا صَادِقينَ لَلَزِمْ أَنْ يَكْذِبَ الإِلَهُ في تَصْديقهم
إذْ مُعْجِزَاتُهُمْ كَقَوْلِهِ وَبَرْ صَدَقَ هَذأ العَبْدُ في كُلِّ خَبَرْ
لَوْ انْتَفَى التَّبْليغُ أوْ خَانوا حُتِمْ أن يُقْلَبَ المَنْهِيُّ طَاعَةَ لَهُمْ
جَوازُ الأعْراضِ عَلَيْهِمْ حُجَّتُهْ وُقُعَهَا بِهِمْ تَسَلِّ حِكْمَتُهُ
وَقَوْلُ لا إلهَ إلاّ اللهُ مُحَمَّد أرْسَلَهُ الإلهُ
يَجْمَعُ كُلَّ هذِهِ المعاني كانت لِذا عَلاَمَةَ الإيمانِ
وَهِيَ أَفْضَلُ وُجُوهِ الذِّكْرِ فاشْغَلْ بِهَا العُمْرَ تَفُزْ بالذُّخْرِ
انتهى.
وأسأل فضيلتكم هل في الكتاب المحذوف ما يخالف عقيدة من يزعمون انتسابهم وحدهم للسلفيّة، وفي صورة التوافق الدال على الحذف بدون قراءة ولا فهم بتعصب أعمى إذ الواجب من جهة الأمانة العلميّة الرد دون حذف، هل إنهم مخطئون فوجب عليهم الاعتذار للأشاعرة واستغفار الله العليم الحكيم الكبير المتعالي ولا نأخذ عنهم العلم إلا بعد استقامتهم الموالية للتوبة النصوح ؟
ولكم جزيل الشكر سلفا.