الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الربح الناشئ عن استثمار مال أخذ بغير حق

السؤال

لقد قمت مرة بابتزاز تاجر وأخذت ماله، وكان مقدار المال 300000 دولار، وبعد مدة قمت بجني ثروة من ذلك المال وأردت أن أعيد المال الأصلي لصاحبه، وقد سامحني على فعلتي. فهل يجعل ذلك مالي حلالا، مع العلم أني تصدقت بمقدار المال الأصلي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأخذ أموال الناس عن غير طيب أنفسهم لا يجوز، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ. {النساء:29}، وقال صلى الله عليه وسلم: إنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. جزء من حديث رواه الإمام أحمد. والواجب عليك مع التوبة بالندم والاستغفار أن ترد المال لصاحبه لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وقال حسن صحيح، فإن سامحك صاحب المال وعفا عنك فقد برئت ذمتك وطاب لك المال.
وأما الربح الناشئ عن استثمار هذا المال ففيه اختلاف بين أهل العلم؛ فمنهم من ذهب إلى أنه للعامل استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: الخراج بالضمان. رواه الخمسة. وذهب البعض إلى أنه تابع للمال، وأن لا شيء للعامل منه. ولعل القول الأعدل في ذلك هو أن يكون بينهما لأنه إنما حصل بمال هذا وعمل هذا، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 57000.
وعلى هذا القول فنصف الربح ورأس المال يلزم رده إلى صاحبه ما لم يكن قد أبرأك منه وأسقطه عنك، فتبرأ ذمتك بذلك ويطيب لك الانتفاع به، وأما كونك تصدقت بمثل رأس المال مع وجود صاحبه وإمكانية رده إليه فلا يجزئ ذلك عنك شيئا في ضمانه لصاحبه ما لم يجز ما فعلت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني