السؤال
ما مدى صحة هذه القصة ؟؟
كان سيدنا عمر بن الخطاب في أحد الايام ذاهبا إلى المسجد ليصلي أحد الفروض خلف الرسول-صلى الله عليه وسلم- فبينما هو في الطريق قابله رجل عجوز فقال له هذا الرجل: أين أنت ذاهب..؟؟
فأجابه سيدنا عمر: أنه ذاهب ليصلي هذا الفرض في المسجد. فأخبره هذا الرجل أن الصلاة قد انتهت وأنها قد فاتت سيدنا عمر، فرجع سيدنا عمر إلى البيت ليصليها هناك.
في اليوم التالي أيضا بينما سيدنا عمر ذاهب إلى المسجد لتأدية الصلاة المفروضة قابله هذا الرجل فسأله نفس السؤال:أين أنت ذاهب فأجابه سيدنا عمر: إنه ذاهب للمسجد لتأدية الصلاة. فأخبره هذا الرجل أن الصلاة قد فاتت سيدنا عمر. فعاد سيدنا عمر إلى البيت ليصلي هذه الصلاة.
وفي اليوم الذي يليهما حدث نفس الشيء فعاد سيدنا عمر إلى البيت لتأدية هذه الصلاة. عندئذ سأله النبي صلى الله عليه وسلم في نفس اليوم ما الذى يجعله لا يأتي لتأدية الصلاة في المسجد ...؟؟؟
فأخبره سيدنا عمر بهذه القصة..!! .
فعلم النبي أن هذا هو إبليس اللعين، فأخبر سيدنا عمر أن هذا الرجل الذي يقابله كل يوم هو إبليس.
ففي اليوم التالي إذا بسيدنا عمر ذاهب ليصلي فإذا بهذا الرجل فيسأل هذا الرجل سيدنا عمر نفس السؤال. فعندها قام سيدنا عمر بضرب الشيطان وأوقعه على الأرض وجلس فوقه وظل يضربه حتى إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- علم بهذا فأخبر النبى-صلى الله عليه وسلم- أصحابه بأن يسرعوا إلى عمر قبل أن يقتل إبليس فتقوم القيامة ...لأننا نعلم أن إبليس مخلد إلى يوم القيامة.
-وفي رواية أن اترك الشيطان يا عمر ودع الناس يسترزقوا-
من بعدها لم ير الشيطان سيدنا عمر سالك طريقا إلا سلك غيره.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشك أحد له أدنى علم بالسنة وممارسة للحديث في أن هذه القصة من الأباطيل والخرافات التي نسجها الوضاعون المفترون على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وركاكة ألفاظها وسماجة معناها شاهد بأنها من الكذب الصراح. فلا يجوز لمسلم أن يروج هذه القصة ولا أن ينشرها إلا لبيان بطلانها وأنها مما لا أصل له، ويجب على المسلمين أن يتحروا فيما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون مما رواه الأئمة في كتبهم وصححه علماء الحديث، فإن كذبا على النبي صلى الله عليه وسلم ليس ككذب على غيره وليس ككذب على أحد، وقد تواتر عنه صلوات الله عليه أنه قال: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. فلينتبه المسلمون لهذا الأمر الخطير، وليحذروا هذه الخرافات والأباطيل التي يروجها من لا خلاق لهم. وأما كون الشيطان لم ير عمر سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجه فهذا ثابت في الصحيح وهذا من أعظم فضائله ومناقبه رضي الله عنه.
قال في المرقاة: قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ فِي قَوْلِهِ: مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا، تَنْبِيهٌ عَلَى صَلَابَتِهِ فِي الدِّينِ وَاسْتِمْرَارِ حَالِهِ عَلَى الْجِدِّ الصِّرْفِ، وَالْحَقِّ الْمَحْضِ، حَتَّى كَانَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالسَّيْفِ الصَّارِمِ وَالْحُسَامِ الْقَاطِعِ، إِنْ أَمْضَاهُ مَضَى، وَإِنْ كَفَّهُ كَفَّ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الشَّيْطَانِ سُلْطَانٌ إِلَّا مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ هُوَ كَالْوَازِعِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ، فَلِهَذَا كَانَ الشَّيْطَانُ يَنْحَرِفُ عَنِ الْفَجِّ الَّذِي سَلَكَهُ. انتهى.
والله أعلم.