السؤال
أحسن الله إليكم، ونفع بكم.
هل صحيح أن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- كان موجودًا عند مقتل أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-؟ وهل حدثت قصة سؤال أمير المؤمنين لحذيفة عن كونه من المنافقين أم لا بعد أن طُعن؟ وهل قال أمير المؤمنين بأنه يريد أن يدفن تحت قدمي رسول الله، أم بجانبه؟ ومن صلى على أمير المؤمنين بعد موته؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما وجود حذيفة في المدينة عند مقتل عمر، فهذا هو الظاهر، كما يدل عليه ما رواه البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون، قال: "رأيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-، قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف، قال: " كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمرًا هي له مطيقة ... فقال عمر: لئن سلمني الله، لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدًا، قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب".
قال ابن حجر في فتح الباري: الأرض المشار إليها هي أرض السواد، وكان عمر بعثهما يضربان عليها الخراج، وعلى أهلها الجزية. بين ذلك أبو عبيد في كتاب الأموال من رواية عمرو بن ميمون المذكور. اهـ.
وقال العيني في عمدة القاري: (إلا رابعة) أي: صبيحة رابعة، ويروى "إلا أربعة": أي: أربعة أيام. اهـ.
وأما سؤال عمر لحذيفة، فلم يكن بعد طعن عمر قبل موته، وإنما كان ذلك في حياته، فعن حذيفة قال: دعي عمر لجنازة، فخرج فيها، أو يريدها، فتعلقت به، فقلت: اجلس -يا أمير المؤمنين-، فإنه من أولئك. فقال: نشدتك بالله، أنا منهم؟ قال: "لا، ولا أبرئ أحدًا بعدك". قال الهيثمي في المجمع: رواه البزار، ورجاله ثقات. اهـ.
وعزاه الدكتور عبد السلام آل عيسى في رسالته: (دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب) لابن أبي شيبة في المصنف، والفسوي في المعرفة والتاريخ، ووكيع في الزهد، والخرائطي في مساوئ الأخلاق، وقال: إسناده عند وكيع متصل ورجاله ثقات... فالأثر صحيح. اهـ.
وليس هذا السؤال خاصًّا بحذيفة، فقد سأله أيضًا لأم سلمة، حين قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه»، فقال لها عمر: بالله أنا منهم؟ قالت: «اللهم لا، ولن أبرئ أحدًا بعدك». رواه أحمد، وابن راهويه، وأبو يعلى، والبزار، والطبراني، وغيرهم.
وأما طلب الدفن تحت قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بجانبه؟ فليس بهذا اللفظ، وإنما بلفظ: (مع صاحبيه)، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر -رضي الله عنه-، حيث أمر عمر -بعد أن طعن- ابنه عبد الله، فقال: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين، فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل: أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه ... فلما قبض خرجنا به، فانطلقنا نمشي، فسلم عبد الله بن عمر، قال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه، فأدخل، فوضع هنالك مع صاحبيه. رواه البخاري. وانظر الفتوى: 36467.
وأما الذي صلى عليه، فصهيب الرومي -رضي الله عنه-، كما ذكر غير واحد من أهل العلم، كالذهبي، والمزي، ورواه ابن سعد في الطبقات، وغيره.
والله أعلم.