الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كراهية الوساوس ودفعها دليل على الإيمان

السؤال

أرجو من حضرتكم الإجابة على سؤالي في أسرع وقت، الوسواس في العقيدة والرياء. أشدهما العقيدة: أصحبت حياتي جحيماً لايطاق كثيراً ماتطرأ في بالي صور وسب وشتم في ذات الله تعالى سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيراً، أشياء عظيمة والله ياشيخ إنها أشياء أستحي أن أصف بها بشراً فما بالك بالله تعالى؟ إنها تبلغ مني مبلغاً عظيماً ولا أريد تفصيلها الآن، فقد قرأت في أحد المواقع النفسية الدينية حالة مشابهة لحالتي، وقد أجابوا بأنه إن وصل لهذا الحد فقد أقع في الإلحاد دون علم، علماً أن حالتي أشد بكثير من تلك الحالة أعاني من خواطر وأنا أتخيل الله بما لا يليق به سبحانه وتعالى لا أشهد أن لا إله إلا هو، أعلم أن هذه الوساوس كلها لا أساس لها من الصحة، ولا أصدقها لكن حياتي كلها متعلقة بها أصبحت جزءا من واقعي إن لم تكن كل واقعي؟ كل مناي في هذه الدنيا رضا ربي، فكيف أرضيه وهذه الوساوس لا تكاد تتركني؟ ماعذري عندما أقابل الله؟ ماذا أقول له من الشيطان؟ كيف لا أستطيع التحكم بتفكيري؟ كيف أوقفها؟ لا أستطيع إيقافها ياشيخ أصبحت الصلاة والذكر ثقلاً علي لا أكاد أكبر حتى تبدأ تلك الوساوس اللعينة في الاشتداد بعد أن كنت أصلي الرواتب والسنن وقيام الليل، أصبحت لا أكاد أصلي الفريضة أشعر ببرودة العبادة وثقلها، أشعر أني منافقة فاجرة، ولا أبالغ إن وصفت نفسي أني أشد أهل الأرض فجوراً، ولا أعتقد أنه يوجد ممن وطأ الأرض أشد مني في ذلك، وأعلم أني مهما فعلت فلن يرضى الله عني، ولن يتقبل مني، أشعر دائماً أن الله ساخط علي؟ فلو كنت فعلاً مؤمنة لشعرت ولو بقليل من رضا الله علي، علماً ياشيخ أن هذه الوساوس انقطعت عني فترة طويلة كنت فيها لاهية بالدنيا، وفي ذاك الوقت أقسم لك ياشيخ أني نسيت تماماً أمر الوسوسة، وأن هناك ما يدعى بالوسواس، إلى أن من الله علي بالهداية لكن عادت تلك الوساوس معي، أشعر أن ما يصيني عقاب لما كنت أفعل، حتى إنني أريد أحياناً أن أعود لما كنت عليه ليس حباً فيما كنت أفعل، ولكني أريد أن أشعر أني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أريد أن أكبر وأصلي من غير وسوسة، أريد أن أقرأ القرآن من غير وسوسة، أريد أن أتفكر في خلق الله من غير وسوسة، والله قد بلغ مني الهم كل مبلغ حتى الطعام أحقِرهُ على نفسي، أخجل من ربي أعصيه وآكل من نعمته، حتى إني أفكر في الانتحار، أشعر أن وجودي في الحياة ليس إلا مكسبة للذنوب، أشكو لكم همي، وكلي أمل بعد الله أن يكون شفائي هنا، أرجو الإجابة في أسرع وقت، أرسلت لكم كثيرا ولم أجد رداً، وهل في موقعكم قسم لتفسير الرؤى؟ علماً أني ياشيخ فتاة عمري 14.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك العافية، ثم اعلمي ـ شفاك الله ـ أن ما أنت فيه وما تعانين منه إنما هو من كيد الشيطان ومكره بك، يريد بذلك أن يردك إلى ما كنت عليه من اللهو وترك الاستقامة، واعلمي أنك بحمد الله على خير كبير، وكلامك يدل على ما تتمتعين به من حب للدين ورغبة في الخير والصلاح، ونحن نحسبك ـ والله حسيبك ـ من المستقيمات على الشرع، ونرجو أن يكون الله تعالى راضيا عنك، وإياك أيتها الأخت الكريمة واليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله، وأنت لست بحمد الله كما ذكرت من الشر، بل كوني على رجاء مغفرة الله تعالى، وحسني ظنك به ما أمكن فهو عز وجل عند ظن العبد به، وأما هذه الوساوس فإنها لا تضرك البتة، بل كراهتك لها ونفرتك منها دليل على صدق إيمانك وصحة يقينك، وقد شكا الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ جنس هذه الوساوس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أن كراهتهم لها هي صريح الإيمان، وعليك أن تجاهدي هذه الوساوس وأن تسعي في التخلص منها، وثقي أنك مع المجاهدة والاستعانة بالله تعالى ستوفقين للتخلص من هذه الوساوس، فكلما عرض لك شيء من هذه الوساوس فتعوذي بالله من الشيطان الرجيم وقولي آمنت بالله وحده، وحاولي الانتهاء عن الفكر في هذه الخواطر الشيطانية ما أمكن، واجتهدي في الدعاء بأن يصرفها الله تعالى عنك، واعلمي أنك مأجورة على مجاهدة هذه الوساوس، وأن هذا من البلاء الذي يرجى أن يكتب الله لك الأجر بالصبر عليه والاجتهاد في مدافعته، وانظري الفتوى رقم: 147101، وما فيها من إحالات.

وأما تعبير الرؤى فليس مما يختص به موقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني