الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع الوكيل لنفسه أو شراؤه من نفسه.

السؤال

أعيش في بلد غير عربية، لا يوجد فيها فقراء كثيرون أو أني لا أعرف فيها فقراء، وقد بلغ مالي الزكاة، فأخرجت زكاتي نصفين نصف لأخي يعيش حياة شبه فقيرة، وأرسلت الباقي لأمي في مصر في ظرف بعد تحويل المال دولارات لأنها أخبرتني أنها تعرف فقراء كثيرين جدا جدا يعيشون حياة فقيرة جدا. المهم أنا كنت أتوقع من أمي أنها تحول هذا المال الذي في الظرف إلى العملة المصرية وتقوم بإخراج زكاتي، ولكنها ذهبت إلى الصراف وأخبرها أنه يساوى 700 جينه مصرى فقامت بإخراج 700 جينه من مالها للفقراء بنية زكاتي، وأخذت هذه الدولارات لأنها تحتاجها لأنها تريد الرجوع إلى بلادي، وتحتاج هذه الدولارات يعني بدلت مالها بمالي في الزكاة. الصراحة بعد سماعي هذا الخبر حزنت حزنل شديدا وندمت أشد الندم على إرسالي الفلوس وندمت لعدم إرسال هذه الفلوس لأقرب مسجد لدي وخالص.المهم أنها خالصت فرقت الفلوس من عندها بنية زكاتي يعني حتى لو أقنعتها بفك الدولارات مرة أخرى سوف يكون تفريق الزكاة مرتين.أيضا هل علي ذنب أنا أم ماذا؟ أوهل أقوم بإخراج زكاة مرة أخرى أم ماذا؟ أنا أشعر بالضيق جدا جدا لهذا الموقف، ولكن ليس لدي ذنب ولا أريد ذنبا على أمي فهي إنسانة ليس لديها علم كثير أيضا. أنا الآن لا أعمل يعني علي الرغم من بلوغ مالي الزكاة إلا أني أحتاج منه لأني الآن ليس لدي عائد يعني هل أقوم يإخراج الزكاة مرة أخرى على الرغم من أنه قد يفرق معي ماديا، ولكن ما دام لله فمال الله أولي يعني قد يكون صعب علي إخراج الزكاة مرتين ولكن الآن ماذا أفعل فأنا لا أريد ذنب علي أو علي أمي لأننا نحب الله ونحب أن نرضيه ولأني أحب الله وأحب أن أرضيه فماذا أفعل؟ أفيدوني وشكرا جزيلا؟ أنتظر ردكم بفارغ الصبر وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبه أولا إلى أن والدتك حين اشترت هذه العملة لنفسها قد فعلت أمرا مختلفا فيه بين العلماء، وأكثر العلماء يمنع من هذا فإنهم يمنعون من أن يبيع الوكيل لنفسه أو يشتري من نفسه.

جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب، والمالكية في المعتمد إلى أنه لا يجوز للوكيل في البيع مطلقا أن يبيع لنفسه, لأن العرف في البيع بيع الرجل من غيره فحملت الوكالة عليه , كما لو صرح به , ولأنه يلحقه تهمة .

وعلل الحنفية والشافعية هذا الحكم بأن الواحد لا يكون مشتريا وبائعا, وقالوا : لو أمر الموكل الوكيل أن يبيع من نفسه لم يجز . تنهى.

ولكن إذا كان الأمر قد مضى فلا حرج في الأخذ بالقول بالجواز, وهو وإن كان قول القليل من أهم العلم لكن الفتوى بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر وصعوبة التدارك مما سوغه كثير من العلماء كما في الفتوى رقم : 125010.

وإذا علمت هذا فالأمر سهل أيتها الأخت الكريمة فهوني عليك، وقد أجزأتك زكاتك إن شاء الله ولا يلزمك إعادة إخراجها مرة ثانية إذا كانت أمك قد دفعتها لمن يستحقها بنية الزكاة، ولا يلزم أن تقوم أمك بتحويل نفس الدولارات التي أرسلتها بل ما دامت أخرجت قيمتها بعملة بلدك فلا حرج في ذلك , وقد بينا في الفتوى رقم : 130843أنه لا يلزم إخراج الزكاة من عين المال الذي وجبت زكاته , فإذا اشترت أمك هذه الدولارات لنفسها بدلا من أن تبيعها للصراف وأخرجت قيمتها بنية الزكاة لم يكن في ذلك حرج إن شاء الله, ولكن عليها أن تجتنب هذه المعاملة فيما بعد خروجا من الخلاف المتقدم ذكره.

وأما ما دفعته لأخيك بنية الزكاة فهو مجزئ عنك إن شاء الله إن كان أخوك ممن يصدق عليه وصف الفقر. وقد بينا حد الفقير الذي يعطى من الزكاة إليه جائز بل يكون أولى بها من غيره لأن الصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني