الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة النصوح تغرس في القلب حب الله وحلاوة طاعته

السؤال

أخي العزيز أنا أسرفت كثيرا في جنب الله تعالى من المعاصي والذنوب وها أنا في أشد العذاب الدائم. أحس بوحشة كبيرة مع ربي جل جلاله و حجاب لم أعد أتونس به من أكثر من سنة.
وضيق في صدري يخنقني وموت في قلبي ووهن في بدني، وعار وفضيحة مما جعل الناس تكره لقائي .
لقد ظلمت ابني ظلما كبيرا في الماضي وألحقت به العار. لم أكن أم مصالحة قط. أحس بأن الله تعالى غاضب علي غضبا مخيفا وشديدا. كل ما ذكره ابن القيم رحمه الله فهو يعنيني كله. ضاع مني كل شيء. حتى أني أصبحت أخاف قراءة القرآن من الوعيد وأخاف مقاربة الناس، وابني لم يعد يطيعني ويحترمني وفي لحظات المرض وضياع عقلي فضحت نفسي عند الناس وأصحابي بكثرة ذنوبي. وأصحابي فضحوني. لم أعد أقدر على الاعتناء بمظهري صحتي وقيامي بأعمال، لم أعد أحس بحياتي على طول حزينة وكئيبة أحس بحالي ميتة وغير منتفعة .
لا أحس برب العالمين وهذا الإحساس مخيف. خائفة من عذاب القبر والآخرة. لقد وقعت في الشرك الكبير والأصغر ولما أسبح الله تعالى لا أحس به كما كنت من قبل، ولا أحس بغفرانه لي وقبول توبتي. فهل أنا تأخرت في اللجوء إلى الله عز وجل. فهل آثار ذنوبي تعني نهايتي ولم يعد لي تقرب إلى الله تعالى. أريد أن أعيش حياة طيبة ونظيفة وخالية من معصية الله عز و جل. كيف لي أن أحس بالطمأنينة وشرح صدري وإحساس بقلبي الميت؟
كيف لي أن أحس بكرامتي وحب الناس لي بعد ذلتي ومهانتي. كيف أحس برب العالمين أرجوكم ساعدوني يا أهل الذكر بالخروج من عذابي ورضاء الله رب العالمين. وكيف لي التخلص من الماضي شديد العذاب والتفكير فيه. إنني أحس بالماضي يطاردني أرجوكم دلوني أرجوكم ساعدوني لا أريد أن أموت وربي غاضب علي. أتمنى أن أخرج من العذاب الشديد. أرجوكم ساعدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمهما عظم ذنب العبد ثم تاب توبة صحيحة فإن الله يقبل توبته، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}.

بل إن الله يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه. وإذا كان الذنب يتعلق بحق آدمي فيشترط رد الحق له أو استحلاله منه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5646.

واعلمي أن القلب يعود بعد التوبة النصوح أقرب إلى الله وأكثر حباً له وشوقاً إليه وإقبالاً على طاعته واستشعاراً لحلاوة الطاعة.

فإذا كنت قد تبت إلى الله فأبشري خيرا –بإذن الله- واحذري من وساوس الشيطان ومكائده ولا تيأسي أبدا، وكوني بين الخوف والرجاء وهما يحمدان إذا حملا العبد على الكف عن المعاصي والاجتهاد في الطاعات.

أما الخوف الذي يقنط العبد من رحمة الله أو الرجاء الذي يجرّئ العبد على المعصية ويقعده عن الطاعة فكلاهما مذموم ، فأقبلي على ربك وأحسني الظن به فهو أرحم الراحمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول : أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر. رواه الإمام أحمد.

وننصحك بكثرة الذكر، وخاصة تلاوة القرآن وتدبر معانيه بالقلب، فالقرآن شفاء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57}.

واحرصي على مصاحبة الصالحات وسماع الدروس والمواعظ النافعة، مع الإلحاح في الدعاء فإنه من أنفع الأسباب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني