الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمهما عظم ذنب العبد ثم تاب توبة صحيحة فإن الله يقبل توبته، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}.
بل إن الله يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه. وإذا كان الذنب يتعلق بحق آدمي فيشترط رد الحق له أو استحلاله منه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5646.
واعلمي أن القلب يعود بعد التوبة النصوح أقرب إلى الله وأكثر حباً له وشوقاً إليه وإقبالاً على طاعته واستشعاراً لحلاوة الطاعة.
فإذا كنت قد تبت إلى الله فأبشري خيرا –بإذن الله- واحذري من وساوس الشيطان ومكائده ولا تيأسي أبدا، وكوني بين الخوف والرجاء وهما يحمدان إذا حملا العبد على الكف عن المعاصي والاجتهاد في الطاعات.
أما الخوف الذي يقنط العبد من رحمة الله أو الرجاء الذي يجرّئ العبد على المعصية ويقعده عن الطاعة فكلاهما مذموم ، فأقبلي على ربك وأحسني الظن به فهو أرحم الراحمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول : أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر. رواه الإمام أحمد.
وننصحك بكثرة الذكر، وخاصة تلاوة القرآن وتدبر معانيه بالقلب، فالقرآن شفاء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57}.
واحرصي على مصاحبة الصالحات وسماع الدروس والمواعظ النافعة، مع الإلحاح في الدعاء فإنه من أنفع الأسباب.
والله أعلم.