السؤال
سبق أن توجهت إليكم بسؤال عن مفهوم (شاهدا) في الآية الكريمة 45 الأحزاب، والآيه 41 النساء عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. واليوم أضيف هذه الآية الكريمة وقد انتبهت لها ووجدت لها علاقه بمفهوم الشهادة ولا أدري كيف أخرج بمفهوم واضح لمعنى الشاهد من مجموع هذه الآيات الكريمة وبأي صورة فنرجو التوضيح لنا مشكورين الآية 116- 117 المائدة بسم الله الرحمن الرحيم: إذ قال الله ياع يسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قد قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علّام الغيوب* ماقلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد. صدق الله العظيم. ننتظر ردكم مشكورين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الشهيد والشاهد في الآيات المذكورة يراد به من يشهد على أمته، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الرسل صلى الله عليهم وسلم يشهدون على أممهم كما قال الله تعالى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ. النحل: 89
ويدخل في هذا عيسى عليه السلام فقد جاء في تفسير الثعلبي : "ويوم القيامة يكون" عيسى " عليهم شهيدا" بأنه قد بلغهم رسالة من ربه وأقر له بالعبودية على نفسه, نظير قوله " وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ " المائدة:116 وهو نبي شاهد على أمته , قال الله تعالى:" فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ " النساء: 41 وقال تعالى:" وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا"النحل:89. اهـ.
وفي تفسير ابن كثير: وقوله: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا. (النساء:41) يقول تعالى مخبرا عن هول يوم القيامة وشدة أمره وشأنه: فكيف يكون الأمر والحال يوم القيامة وحين يجيء من كل أمة بشهيد يعني الأنبياء عليهم السلام ؟ كما قال تعالى:" وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " (النساء:69) وقال تعالى:"وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ. النحل :89. اهـ.
وفي تفسير السعدي: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ. لما ذكر فيما تقدم أنه يبعث "في كل أمة شهيدا" ذكر ذلك أيضا هنا, وخص منهم هذا الرسول الكريم فقال: "وجئنا بك شهيدا على هؤلاء" أي: على أمتك تشهد عليهم بالخير والشر, وهذا من كمال عدل الله تعالى أن كل رسول يشهد على أمته لأنه أعظم اطلاعا من غيره على أعمال أمته, وأعدل وأشفق من أن يشهد عليهم إلا بما يستحقون.
وهذا كقوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا
وقال تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ. اهـ.
وقال الشيخ الأمين الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: قوله تعالى:"إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا" بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة, أنه أرسل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم شاهدا ومبشرا ونذيرا.
وقد بين تعالى أنه يبعثه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة شاهدا على أمته , وأنه مبشر للمؤمنين ومنذر للكافرين. قال تعالى في شهادته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على أمته: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (النساء:41)
وقوله تعالى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ . اهـ.
والله أعلم.