السؤال
مشكلتي أن نفسي بدأت تطاوعني خاصة وأنني غير متزوج وأنا شاب متدين، لكنني مازلت ناقصا ومقصرا لهذا لست بملتح، وهذا ما يسبب لي مشكلة، فقد كثر علي إغراء النساء واختلط علي أمر حب الله، فأتتني شبهة أنني لا أظلم إلا نفسي، لأن الله غني عني ولا يضره إن عصيته، فأنا في مأزق كبير لو تجيبوني أو تبحثوا لي عن جواب من متخصص في العقيدة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالدنيا داراختبار وابتلاء وليست دار نعيم وجزاء، فالسعيد من تفطن لذلك فاستعان بربه واعتصم بشرعه وجاهد نفسه وخالف هواها لينال رضا الله.
واعلم أن من أعظم الفتن في الدنيا: فتنة النساء، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه.
ولذلك، فقد احتاط الشرع في علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية ووضع لها حدوداً وآداباًُ تضمن العفة وتحافظ على طهارة القلوب وتسدّ أبواب الفتن، فمن ذلك تحريم الخلوة بالأجنبية ومنع الكلام معها لغير حاجة ووجوب غض البصر، وانظر الفتوى رقم: 104522.
أما ما ذكرته من أن العاصي إنما يضر نفسه، وأن الله سبحانه وتعالى لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين: فهو صحيح بلا شك، لكن العجب أن تفهم من ذلك ما يسوّغ لك الاجتراء على المعاصي والتفريط في الواجبات! بل الأمر على خلاف ذلك، فمعرفة الإنسان أن ضرر المعصية يعود عليه، حري أن يدفعه لاجتنابها والخوف من عاقبتها، فكل من له عقل حريص على نفع نفسه ودفع الضر عنها، لكن يختلف الناس في إصابة الطريق الصحيح لنفع نفسه ودفع الضر عنها، وقد أرشدنا الله إلى الطريق الصحيح لإسعاد أنفسنا ودفع الهلاك عنها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. { التحريم: 6 }.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ـ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُرَيْشًا فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ: يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَىٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلاَلِهَا. رواه مسلم.
فبادر بالتوبة إلى الله والإنابة إليه، واحرص على المحافظة على الصلاة في المساجد، وحضور مجالس العلم والذكر، ومصاحبة الأخيار الذين يعينون على الطاعة، مع الاستعانة بالله وكثرة الذكر والدعاء، وراجع الفتوى رقم: 10800.
واعلم أنّ إعفاء اللحية واجب وحلقها حرام، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 2711.
والله أعلم.