الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طهارة وصلاة المبتلى بالسلس

السؤال

والدتي مقعدة بسبب ورم سرطاني في مفصل الفخذ ومقيمة بمفردها، وترفض رفضا باتا الإقامة معنا لكي نرعاها وتقضي حاجتها في إناء وهي بالفراش، لاحظنا وجود نجس في ثيابها في الآونة الأخيرة وهي لا تدري عنه وكلما لمحنا لها بأنها من الممكن أن تكون أصيبت بسلس البول تصيبها حالة من الرفض والهياج والبكاء. نبدل لها ثيابها وفراشها مرة يوميا ولكن لا نستطيع التبديل قبل كل صلاة لانها تتألم بشدة عند تحريكها كما أنها لا تعلم أنها أصيبت بسلس البول، ونخشى أن نصارحها لكي لا تزيد نفسيتها سوءا.
فما حكم صلاتها مع العلم أنها تحافظ على الصلاة والنوافل وقراءة القرآن؟ هل علينا إثم إن لم نخبرها؟ وهل تقبل صلاتها وقراءتها للقرآن وفي ثوبها نجس بحجة أنها لا تعلم عنه شيئا وأن ظروفها الصحية حرجة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله لأمكم الشفاء والعافية، ثم إن الواجب عليها إذا كانت مصابة بالسلس -كما ذكرت- هو أن تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ثم تصلي بوضوئها ذاك الفرض وما شاءت من النوافل، وعليها أن تتحفظ بشد خرقة أو نحوها على الموضع لئلا تنتشر النجاسة في ثيابها، ولا يلزمها إعادة التعصيب والشد عند كل صلاة عند كثير من العلماء، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 128721.

فإذا كنتم أنتم الذين تقومون بخدمتها وتوضئتها وإزالة النجاسة عنها فعليكم أن توضئوها لكل صلاة بعد دخول وقتها، مع فعل ما ذكرنا من التحفظ حذراً من انتشار النجاسة في الثياب، ولا يلزمكم إخبارها بأنها مصابة بالسلس إذا كنتم تفعلون ما ذكرنا مما تبرأ به ذمتها، فيكون إخبارها بالمرض ضرراً محضاً لا مصلحة لها فيه.

وأما إذا كانت هي التي توضئ نفسها وتزيل عن نفسها النجاسة، فعليكم أن تخبروها بلين ولطف، وأن تتخيروا من العبارات أرفقها ولو بغير تصريح بالمرض الذي هي مصابة به، فتعلمونها أن الواجب عليها ما ذكرنا من التحفظ والوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها.

وننبه إلى أن مذهب مالك رحمه الله في هذه المسألة فيه تيسير كبير، فهو لا يرى وجوب الوضوء على المبتلى بالسلس لكل صلاة، كما أن المالكية يرون العفو عن النجاسة في حق من استنكحه الحدث، فإن ضاق الأمر عليكم جداً فلا نرى حرجاً في الأخذ بمذهب مالك وإن كان مرجوحا عندنا لمكان الضرورة.

كما ننبه إلى أن اجتناب النجاسة شرط لصحة الصلاة، ولكن مع العلم والقدرة، فمن جهل وجود النجاسة أو عجز عن إزالتها فصلاته صحيحة، كما في الفتوى رقم: 111752، واجتناب النجاسة شرط لصحة الصلاة وليس شرطاً لقراءة القرآن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني