الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من معالم غربة الإسلام في عصرنا

السؤال

لقد كنت شاباً عصياً من قبل ولكن هداني الله برحمته لي والحمد لله، فاهتديت وتبت إلى التواب فما عدت أنظر نظرةً حراما وما عدت أصافح النساء وههنا المشكلة! توبتي إلى الله أحدثت تغيراً جسيما في نسق حياتي وهو ما جعل والدي يتعجبان ويستغربان.. فعند ما أقلعت عن مصافحة النساء غضب علي والداي غضباً شديداً إلى درجات أنهم لعناني وشتماني لأقلع عن ذلك الفعل وغيره من صالحات الأعمال كغض البصر والحياء، وكثرة مشاهدة القنوات الدينية التي وعدني والدي أن يقفلها لما تعلمت منها من قيم فضيلة لكنه لا يراها كذلك.فهو يرى اللحية تعصبا وتشددا فعند ما أقول له سأطلق لحيتي يقول ليس في منزلي! كذلك مصافحة النساء فهو يقول ما دامت الأعمال بالنيات فلا يضر أن يصافحهن ولكني أخالفه، مع العلم أن والدي يذكر الله كثيراً ويحب دينه وإني أسأل الله له دائماً الهداية لكل الطاعات، فالخلاصة أنهم مصرون على رأيهم وإني بار جداً بوالدي وأخاف ربي فيهما وهما الآن غاضبان مني فبالله عليكم دلوني على الخير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق، وأن يتم عليك نعمته وهدايته وتوفيقه، وأن يجنبك مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يشرح صدر والديك ويهديهما الصراط المستقيم..

ثم اعلم أخانا الكريم أن الجنة حفت بالمكاره، وأن الابتلاء سنة الله الماضية في خلقه، ليميز الخبيث من الطيب، وأن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، وأن المتمسك بالحق في زمن الغربة له منزلة عظيمة ودرجات رفيعة، وراجع في ذلك الفتاوى: 32230، 63743، 58011.

ومن معالم هذه الغربة: نظرة المقت للمتمسك بالسنة النبوية المباركة، الحافظ لحدود الله الذي لا يتعدى محارمه، فإن من المعلوم أن الشريعة قد أمرت بإعفاء اللحية، كما سبق بيانه في الفتاوى: 2711، 4682، 21149. ونهت عن مصافحة الأجنبيات، كما سبق بيانه في ذلك الفتاوى: 1025، 5658، 93537.

ومن المعلوم أيضاً أن طاعة الوالدين واجبة، ولكنها مقيدة بالمعروف، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وراجع في ذلك الفتاوى: 23297، 69966، 71786، 76303.

ومع ذلك فإننا نشدد عليك في الوصية بهما، بأن تصبر عليهما، وتحسن عشرتهما، وتجتهد في برهما، وتكثر من الدعاء لهما، وتبذل لهما النصيحة برفق وحكمة وتوقير، فلعل الله يرى فيك صدقاً، فيشرح صدورهما ويحبب لهما الالتزام بأحكام الشريعة، والاقتداء بالهدي النبوي المبارك، ولمزيد الفائدة في ذلك نرجو الاطلاع على الفتاوى: 121991، 42717، 69967.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني