السؤال
الذي أدين الله به بعد النظر في أقوال أهل العلم أن المواظبة على القنوت في الصبح عند المالكية بدعة لصحة الأدلة التي استدلوا بها من عدم حجية حديث أنس لازال رسول الله يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا و الطعونات الموجهة للراوي أبي جعفر الرازي الذي في سنده و صحة حديث الأشجعي رضي الله عنه أي بني إنه محدث (يقصد القنوت) فعلى كل الذي أعلمه أن المواظبة عليه بدعة و لكن لما أحتج على أهل القرية يقولون لي لا نعرف من الفقهاء إلا من كان مالكيا (التعصب المذهبي و لا حول و لا قوة إلا بالله)
على كل حال أنا أبحث مَن الفقهاء من المالكية الذين قالوا ببدعية المواظبة على القنوت فهل ممكن تبينون لي المسالة من أقوال علماء مذهب مالك رحمه الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقنوت في صلاة الصبح مختلف فيه بين أهل العلم اختلافا قويا، وانظر لتفصيل الخلاف الفتويين رقم: 94697، 59882، وما أحيل عليه فيهما، والقول بعدم مشروعيته هو قول الحنفية والحنابلة، وبينا ما يفعله من أم قوما يرون مشروعية القنوت إذا كان لا يراه في الفتوى رقم 132383، وانظر أيضا الفتوى رقم: 133376.
وأما أهل قريتك فمن كان منهم عاجزا عن النظر في الأدلة وكيفية الجمع بينها فإن فرضه هو أن يقلد من يثق به من أهل العلم.
كما قال تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:43}
ثم لا حرج على من عجز عن الاستدلال في تقليد من وثق بعلمه ودينه من الأئمة، والإمام مالك رحمه الله من أجل أئمة الإسلام فليس على من رأى اتباع مذهبه إذا لم تستبن له السنة من جناح، وأما من استبانت له السنة منهم فليس له أن يدعها لقول أحد من الرجال كائنا من كان كما نص على معنى ذلك مالك وغيره من الأئمة، وبهذا تعلم أنه لا إنكار على العوام في أخذهم بمذهب الإمام مالك رحمه وانظر لبيان وجوب اتباع السنة ونبذ التعصب للمذاهب الفتوى رقم: 133917، ومذهب المالكية هو مشروعية القنوت في الصبح قبل الركوع، واختار ابن حبيب من المالكية مشروعية القنوت بعد الرفع من الركوع وفاقا للشافعي، وذهب بعض المالكية إلى عدم مشروعية القنوت في الصبح كقول أبي حنيفة وأحمد وهو قول يحيى بن يحيى الليثي صاحب مالك وناشر مذهبه في بلاد الأندلس، قال أبو الوليد الباجي في المنتقى شرح الموطأ: "وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقُنُوتِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْقُنُوتَ مَشْرُوعٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَنَّهُ مِنْ فَضَائِلِ الصُّبْحِ وَقَال َأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا" انتهى.
وفي مواهب الجليل قال مبينا أقوال المالكية في المسألة: "القنوت مستحب في صلاة الصبح وهذا هو المشهور وقال ابن سحنون: سنة. قال يحيى بن عمر هو غير مشروع ومسجده بقرطبة لا يقنت فيه إلى حين أخذها أعادها الله للإسلام ولابن زياد ما يدل على وجوبه ; لأنه قال من تركه فسدت صلاته أو يكون على القول ببطلان صلاة من ترك السنة عمدا, وقال أشهب: من سجد له فسدت صلاته, وقال ابن الفاكهاني: القنوت عندنا فضيلة بلا خلاف أعلمه في ذلك في المذهب" انتهى.
والله أعلم.