الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام القنوت عند النوازل وتطويله والدعاء فيه بغير المأثور

السؤال

ما هو الموقف الشرعي من إمام مستمر للشهر العاشر على التوالي في دعاء النازلة في كل صلاة فريضة من الصلوات الخمس؟ وما حكم إطالة الإمام في دعاء النازلة لمدة تزيد عن صلاة ركعتين، علما بأنه يواظب على الدعاء في كل صلاة فريضة؟ وما صحة دعاء الإمام بقوله: اللهم حرر المسجد الأقصى، وارزقنا فيه بصلاة قبل الممات، وبشهادة على أعتابه، حيث يضيف حرف الباء إلى المفعول به؟ لغويا. وما حكم استخدام أدعية غير مأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعاء النازلة، والمواظبة عليها في كل صلاة؟بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن القنوت مشروع عند النوازل، والنوائب التي تنزل بالمسلمين من كوارث، ومصائب، وانظر التفصيل في الفتوى: 138988. أما تطويل القنوت، فقد كرهه بعض أهل العلم.

جاء في المجموع: قال البغوي: يكره إطالة القنوت، كما يكره إطالة التشهد الأول. اهـ.

ولأن المشروع في حق الإمام التخفيف بالناس، لا أن يطول بهم، وراجع في ذلك الفتوى: 9286.

ودعاء القنوت لا يشترط فيه أن يكون بالأدعية المأثورة، بل يكون بدعاء يناسب تلك النازلة، ولو كان غير مأثور.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فيشرع أن يقنت عند النوازل يدعو للمؤمنين، ويدعو على الكفار في الفجر، وفي غيرها من الصلوات، وهكذا كان عمر يقنت لما حارب النصارى بدعائه الذي فيه: " اللهم العن كفرة أهل الكتاب " إلى آخره، وكذلك علي - رضي الله عنه - لما حارب قوما قنت يدعو عليهم، وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة، وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين، ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك حسنا. اهـ.

وبخصوص قول ذلك الإمام: ( اللهم حرر المسجد الأقصى، وارزقنا فيه بصلاة قبل الممات، وبشهادة على أعتابه، حيث يضيف حرف الباء إلى المفعول به).

فإن الدعاء غير مأثور حتى تتأكد سلامته من اللحن، ولا يتضح لنا أن دخول الباء فيه على المفعول الثاني خطأ. وقد جاء في "معجم الصواب اللغوي"، وهو معجم معاصر ما يدل على قبول هذا الأسلوب، وهذا نصّ كلامه: الجذر: ر ز ق. مثال: رزقه اللهُ بالمالِ. الرأي: مرفوضة. السبب: لتعدِّي الفعل «رَزَقَ» بحرف الجرّ «الباء»، وهو متعدٍّ بنفسه.

الصواب والرتبة: -رزقه اللهُ المالَ [فصيحة]-رزقه اللهُ بالمالِ [مقبولة] التعليق: أوردت المعاجم الفعل «رزق» متعديًا بنفسه إلى المفعول الأول، أما المفعول الثاني فقد جاء متعديًا إليه بنفسه، كما في قوله تعالى: {وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} هود/88، وجاء متعديًا إليه بحرف الجرّ «من»، كما في قوله تعالى: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ} إبراهيم/37، وحيث جاز جرّه بـ «من» يجوز جرّه بـ «الباء»، كما في المثال المرفوض، وهو ما جرت عليه بعض المعاجم الحديثة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني