الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن جاوزت الثلاثين ولم تتزوج

السؤال

صديقتي غير متزوجة تعدت سن الـ 35 سنة، والدها مريض جداً، إخوانها مشغولون ببيوتهم وزوجاتهم. مشكلتها خائفة من أنها تعيش لحالها بقية حياتها. ما نصيحتك يا شيخ لها. ما هو الدعاء الذي تنصحها به. هي متدينة ومحترمة جدا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا نذكر هذه الأخت وغيرها ممن يمر بنفس ظروفها بأن كثيرا من النساء تزوجن حال كبرهن ورزقهن الله زواجا طيبا مباركا، فالفتاة التي لم تتزوج في السن المبكر لا يعني أنه قد انتهت حياتها وضاع أملها في الزواج كلا، فإن الله سبحانه هو الرزاق ذو القوة المتين، وسيجعل لها إن شاء بعد العسر يسرا، وبعد الكرب فرجا ومخرجا، فلا بد من الصبر وإحسان الظن بالله سبحانه، وسؤاله من فضله ورزقه وبركته.

وعلى ذلك فينبغي لهذه الفتاة أن تتجاوز الإحساس بأن قطار الزواج قد فاتها، فأغلب البنات يتزوجن في أواخر العشرينات، وكثير منهن يتزوجن في الثلاثينيات، وتقدم هذا الأمر وتأخره مرتبط بما قدره الله سبحانه وقضاه لكل إنسان، فالله عز وجل قد قسم لكل رزقه وأجله، وكل ما يتعلق بحياته على هذه الأرض، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، كما ورد بذلك الحديث، والمؤمن يرضى بقدر الله سبحانه وتعالى كيفما كان ولا يستعجل، لأنه لا يعلم مواطن الخير والشر، ولا مواقع السلامة والعطب، ورب أمر يستعجله يكون فيه هلاكه وشقاوته كما قال الله سبحانه: وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا {الإسراء: 11}.

والمعنى أن الإنسان يدعو بما يحسبه خيرا وهو في الحقيقة شر، وهذا راجع لفرط تعجله وقلقه.

جاء في تفسير الرازي: أقول يحتمل أن يكون المراد أن الإنسان قد يبالغ في الدعاء طلبا لشيء يعتقد أن خيره فيه مع أن ذلك الشيء يكون منبع شره وضرره، وهو يبالع في طلبه لجهله بحال ذلك الشيء، وإنما يقدم على مثل هذا العمل لكونه عجولا مغترا بظواهر الأمور غير متفحص عن حقائقها وأسرارها. انتهى.

لذلك ينبغي تفويض الأمر إلى الله جل وعلا، والإكثار من الدعاء والصدقة وغيرهما من الأعمال الصالحة، والتحلي بالسكينة، وإبعاد إحساس التوجس والخوف والقلق، كما نحث هذه الفتاة على تجديد التوبة والإكثار من الاستغفار فهو سبب في الرزق كما قال الله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً {نوح:10-12} ولا بأس ببذل ما يمكن من الأسباب المادية وقد بينا في الفتوى رقم: 108281، بعض الطرق المشروعة التي تسلكها المرأة الراغبة في الزواج.

ولا نعلم دعاء خاصا بتيسير الزواج، ويمكنك الدعاء بعموم الأدعية التي فيها طلب خير الدنيا والآخرة، وقد ذكرنا بعضا منها في الفتوى رقم: 3570.

ونسأل الله عز وجل أن يرزقها زوجا صالحا وذرية طيبة، وأن يجنبها السوء والفتن ما ظهر منها وما بطن؛ إنه سبحانه غني كريم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني