السؤال
بالنسبة إلى مراسلتنا هذه فإننا في جنوب أفريقيا في خلال وضع قانون الأحوال الشخصية خاصة للمسلمين من جانب الحكومة الكافرة وكما تعرفون أننا أقل من مليون مسلم من بين أربعين مليونا من الكفار. هذا ونحتاج من فضيلتكم إلى الأجوبة مع الأدلة والإحالات من كتب ساداتنا المالكية للمسائل التي تهمنا في هذا الآن ولا يخفى على سماحتكم ما لهذا الأمر من أهمية وأثر على المسلمين. أفيضوا علينا متع الله المقتبسين بطول بقائكم. - صورة: زوجة أعانت زوجها في تجارته لعشر سنوات مثلاً ثم طلقها زوجها. هل لها أن تدعي نصف ماله مثلاً أو أجرة؟ - وإن كان لها أن تدعي ذلك فهل للزوج أن يراجعها بما أنفق عليها مما لم يكن من حقوقها الزوجية؟ إذا اعتذر فضيلتكم عن الإجابة فالمرجو منكم أن تقدموها إلى من عليه الاعتماد عندكم في مذهب إمام دار الهجرة رضي الله عنه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن القواعد الفقهية المتفق عليها أن العادة محكمة وأن العرف معتبر, ولذا فالذي يظهر- والعلم عند الله- أنه ينبغي الرجوع في مثل هذه الحالة إلى العرف فإن كان العرف قد جرى بأن الزوجة تعمل مع زوجها تبرعا فلا يجوز لها حينئذ أن تطالب زوجها بشيء من العوض حتى وإن طلقها, أما إن جرى العرف بإثابتها على هذا العمل فينبغي العمل بذلك ودفع الأجرة لها, وقد استفتي الشيخ عليش أحد علماء المالكية في مثل هذه الحادثة وإليك نص السؤال الذي وجه إليه في هذا الموضوع وجوابه عنه:
ما قولكم في رجل له أموال وتحت يده أطيان وله أولاد قد حركوا معه ذلك مدة قبل بلوغهم وبعده وترتبت عليهم غرامات فدفعوها من ذلك والآن أرادوا الانفصال عن أبيهم ومقاسمته في الأموال والأطيان فهل يجابون لذلك؟ وإذا قلتم لا فهل يلزم أباهم أن يدفع ما عليهم من الغرامة، أو لا؟ أفيدوا الجواب .
فأجبت بما نصه: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الله، نعم لا يجابون لمقاسمة أبيهم في أمواله وأطيانه بل جميع أمواله وأطيانه له وحده ثم ينظر لعادة أهل بلدهم فإن كانت جارية بالمسامحة بين الرجل ومن يكتسب معه من أولاده في التكسب والنفقة حمل الجميع على التبرع فهو متبرع بما أنفقه عليهم وما غرمه عنهم وهم متبرعون بعملهم معه فلا يرجع عليهم بشيء مما أنفقه عليهم ولا مما غرمه عنهم ولا يرجعون عليه بشيء من أجرة عملهم وإن كانت جارية بالمشاحة والمحاسبة فيما ذكر حاسبهم بما أنفقه عليهم وما غرمه عنهم بعد بلوغهم وقدرتهم على الكسب وحاسبوه بأجرة عملهم بنظر أهل المعرفة فإن تساويا فلا رجوع له عليهم ولا لهم عليه وإن زاد أحدهما رجع من له الزيادة بها أيا كان كما أفتى بذلك شيخ مشايخي خاتمة المحققين أبو محمد الأمير وقد سئل عن الرجل يتكسب معه بعض أولاده ثم يموت الرجل هل يختص المتكسب بشيء من التركة؟ ونص الجواب العادة محكمة في ذلك فإن كان العرف في ذلك مبنياً على المسامحة بين الرجل ومن يكتسب معه فهو من ناحية التبرع في معاونة الأب فلا يختص بعد موت الأب بشيء وإلا حاسب بحسب تكسبه بنظر أهل المعرفة. انتهى
أما بخصوص ما أنفقه هذا الرجل على زوجته مما هو زيادة على نفقتها الشرعية المستحقة فينظر فيه.. فإن كان توسعة عليها في نحو المطعم والملبس ونحو ذلك فلا يحق له الرجوع فيه مطلقا, أما إن كان هذا الإنفاق في صورة هبات أو عطايا فإن كانت بقصد الصلة والتبرع فلا يجوز له الرجوع فيها أيضا كما بيناه في الفتوى رقم: 118975.
أما إن كان هناك غرض آخر غير التبرع كأن كان وهبها لتثيبه على هبته أو وهبها جزاء لما تقوم به من جهد معه في أمور التجارة هذه فحينئذ يجوز له الرجوع إن لم يثب (يعاد إليه قيمة ما وهب) في الحالة الأولى وإن رجعت هي وطالبت أجرتها في الحالة الثانية.
والله أعلم.