السؤال
وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا. ما معنى هذه الآية ؟ وأيضا وإن منكم إلا واردها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمعنى الآية الأولى أن المساجد التي هي مكان الصلوات والعبادات ملك لله تعالى، وإذا كانت له فلا يجوز أن يدعى مع الله تعالى أحد كما قال ابن جزي: معنى الآية لأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا أي لهذا السبب فلا تعبدوا غير الله. اهـ.
والدعاء المنهي عنه يشمل دعاء العبادة ودعاء المسألة، فالدعاء قد يأتي بمعنى الأمرين كا يدل له الحديث: الدعاء هو العبادة. ثم قرأ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني كما يدل له قوله تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ. (5). وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ {الأحقاف: 5-6}. وقال: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ.{فاطر: 13-14}.
والدعاء في كلا المعنيين يحرم صرفه لغير الله تعالى بل إنه يعتبر شركا لقوله تعالى: وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ. {يونس: 106}. ولقوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. {النساء: من الآية36}. ولقوله في الآية السابقة: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ. {فاطر: 14}.
وأما تفسير الآية الثانية فمن أجود ما قيل فيه ما جاء في تفسير السعدي حيث قال: واختلف في معنى الورود فقيل: ورودها حضورها للخلائق كلهم حتى يحصل الانزعاج من كل أحد ثم بعد ينجي الله المتقين، وقيل: ورودها دخولها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما، وقيل الورود هو المرور على الصراط الذي هو على متن جهنم فيمر الناس على قدر أعمالهم فمنهم من يمر كلمح البصر، وكالريح وكأجاويد الخيل، وكأجاويد الركاب، ومنهم من يسعى ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا، ومنهم من يخطف فيلقى في النار، كل بحسب تقواه، ولهذا قال: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا. الله تعالى بفعل المأمور واجتناب المحظور. وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ أنفسهم بالكفر والمعاصي. فِيهَا جِثِيًّا. وهذا بسبب ظلمهم وكفرهم، وجب لهم الخلود وحق عليهم العذاب وتقطعت بهم الأسباب.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني