السؤال
بسم الله الرحمن الرحيمأنا مسلمة جديدة من روسيا أعمل في شركة عقارات عملي هو إعداد الوثائق والترويج لبيع الشقق والأراضي بالتقسيط من خلال عدة بنوك ربوية (أعني عندما يأتي المشتري إلي الشركة ويريد أن يشتري عقاراً بالتقسيط أنا الذي أقوم بأخذ المشتري إلي العقار الذي يريد شراءه وأعرض عليه عدة شقق وهو الذي يختار وبعد ذلك أقوم بإعداد الوثائق وإرسالها إلي البنك)، فهل عملي في هذه الشركة حرام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، ثم اعلمي أختنا الكريمة أن الله تعالى نهى عن أنواع من المعاملات لما فيها من ضرر أو ظلم، وذلك كأنواع العقود الربوية، ومن كمال الشريعة الإسلامية أنها إذا منعت من شيء منعت مما يؤدي إليه، فما لا يتم ترك الحرام إلا بتركه فتركه واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما يوصل إلى الحرام حرام، والقاعدة في ذلك هي قوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، فالوسائل لها أحكام المقاصد، وقد سبقت فتوى في بيان هذه القاعدة وهي برقم: 50387.. ومن ناحية أخرى فإن المحرمات تباح في الشريعة لمن اضطر إليها اضطراراً حقيقياً، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27833، 1420، 6501.
وأما فيما يخص السؤال فالذي يظهر لنا أن البيع بالتقسيط المذكور في السؤال يكون عن طريق تمويل البنك الربوي، فيدفع البنك قيمة العقار نقداً، ثم يقسطه على العميل بزيادة، وهذه معاملة محرمة، حقيقتها أنها قرض ربوي، والإعانة على الربا لا تجوز بأي صورة كانت، وراجعي في تفصيل ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41235، 56676، 67812، 124582، 107162.
وعلى ذلك فالعمل الذي يقوم على هذه المعاملة الربوية لا يجوز الاستمرار فيه، إلا لمن كان مضطراً، بحيث إذا تركه لم يجد ما يعيش به من مأكل أو مشرب أو مسكن ونحو ذلك من الضروريات، فإذا كنت مضطرة على هذا النحو جاز لك العمل حتى تجدي عملاً غيره، لعموم قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، وقد سبق التنبيه على ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 78746، 69175، 81001، 124242 وعليك حينئذ أن تجتهدي في البحث عن عمل آخر مباح... ثم ننبه السائلة الكريمة على أن عمل المرأة الذي يتلائم مع فطرتها ودورها في بناء المجتمع لا حرج فيه إذا خلا من المحاذير وتوفرت فيه الضوابط الشرعية، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 522، 3859، 9653، 8528، 5181، 19929.
والله أعلم.