السؤال
قيل لي: إن رجلا هنديا اسمه ساتيا ساي بابا هو الدجال أو الدجال الصغير الذي سوف يفتح الباب للدجال الكبير. وهذا الهندي يفعل المعجزات كما يقولون من أمطار وذهب وتحويل ماء إلى نفط وإلى آخره. و لقد حذر بعض العلماء من مشاهدة أفلامه، وإن بعض العلماء ذهبوا لينصحوه فانقلبوا واتبعوه. ولقد رأيت صورة له وأنا أقرأ عنه، فانتابني شعور غريب في صدري. فبماذا تفتونا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا علم لنا بحقيقة هذا الرجل، ولا ندري صحة ما ذكرته من انقلاب من ذهب لينصحه من العلماء، وإن كنا نستبعد وقوع العلماء في اتباع مثل هؤلاء الدجاجلة، ولكن نقول على سبيل الإجمال إن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من فتنة الدجال وبين علاماته، ومن ذلك أنه حي محبوس بإحدى الجزائر.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: مقتضى حديث فاطمة بنت قيس في قصة تميم الداري الذي أخرجه مسلم أنه كان موجودا في العهد النبوي، وأنه محبوس في بعض الجزائر،... وفي حديث النواس عند مسلم أنه يخرج عند فتح المسلمين القسطنطينية، وأما سبب خروجه فأخرج مسلم في حديث ابن عمر عن حفصة أنه يخرج من غضبة يغضبها، وأما الذي يدعيه فإنه يخرج أولاً فيدعي الإيمان والصلاح، ثم يدعي النبوة، ثم يدعى الإلهية. انتهى
فالظاهر أن هذا الرجل ليس هو الدجال، أما الدجال الصغير فلا نعلم دليلاً على وجود ما يسمى الدجال الصغير، وإنما الوارد في قصة تميم الداري التي أشار إليها الحافظ أن مع الدجال دابة تسمى الجساسة تتجسس له الأخبار، وإذا كان الرجل المذكور يدعي قدرته على المعجزات فيكون من جملة الدجالين الكذابين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وقد اتفق أهل المعرفة والتحقيق أن الرجل لو طار في الهواء ، أو مشى على الماء، لم يتبع إلا أن يكون موافقا لأمر الله ورسوله، ومن رأى من رجل مكاشفة أو تأثيرا فاتبعه في خلاف الكتاب والسنة كان من جنس أتباع الدجال ، فإن الدجال يقول للسماء : أمطري فتمطر، ويقول للأرض، أنبتي فتنبت، ويقول للخربة أخرجي كنوزك فتخرج معه كنوز الذهب والفضة، ويقتل رجلا ثم يأمره أن يقوم فيقوم ، وهو مع هذا كافر ملعون عدو لله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من نبي إلا قد أنذر أمته الدجال، وأنا أنذركموه، إنه أعور، وإن الله ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر - ك ف ر - يقرؤه كل مؤمن قارئ وغير قارئ ، واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت .
وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: إذا قعد أحدكم في الصلاة فليستعذ بالله من أربع ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال . وقال صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالون كذابون ، كلهم يزعم أنه رسول الله. وقال صلى الله عليه وسلم: يكون بين يدي الساعة كذابون دجالون ، يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم. هؤلاء تنزل عليهم الشياطين وتوحي إليهم ، كما قال تعالى: هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون. ومن أول من ظهر من هؤلاء المختار بن أبي عبيد المتقدم ذكره . ومن لم يفرق بين الأحوال الشيطانية والأحوال الرحمانية كان بمنزلة من سوى بين محمد رسول الله وبين مسيلمة الكذاب ، فإن مسيلمة كان له شيطان ينزل عليه ويوحي إليه. ومن علامات هؤلاء أن الأحوال إذا تنزلت عليهم وقت سماع المكاء والتصدية أزبدوا وأرعدوا - كالمصروع - وتكلموا بكلام لا يفقه معناه ، فإن الشياطين تتكلم على ألسنتهم ، كما تتكلم على لسان المصروع. والأصل في هذا الباب أن يعلم الرجل أن أولياء الله هم الذين نعتهم الله في كتابه حيث قال : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، الذين آمنوا وكانوا يتقون. فكل من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا . انتهى .
والله أعلم.