السؤال
أنا صراحة لست هنا لإرسال سؤال محدد بل هي خواطر وأحاسيس تخالجني أحتاج لأشاطر أهل العلم والمعرفة بها علني أرتاح، أنا فتاة مسلمة في 22 من العمر أحب خالقي حبا جما بالمعنى المطلق لكلمة جما, أحبه سبحانه و تعالى وأغلى أماني أن أكون من إمائه الصالحات الذين يحبهم ويرضى عنهم، أحبه وأخشاه وأخشى عذابه ولا أتوانى في طاعته طالما لي جهد على ذلك أحافظ على صلواتي في أوقاتها أصوم رمضان أصون نفسي وأرعاها من العابثين وأغار عليها كثيرا لا أترك بيتنا طالما ليست لي حاجة ملحة للخروج كالدراسة وما دونها فأنا ألازم البيت ولا أبرحه إلا إذا كانت هناك فسحة مع أهلي أحب الخير للجميع و لا أؤذي الناس كل ما جئت به ليس لأزكي نفسي لا والله ولكن لأخبركم أني رغم هذه الأشياء الطيبة فانا أجد في نفسي خوفا وألما من عدم قبول خالقي ومحبته لي, فقد أنتكس أحيانا فأقصر في النوافل و تلاوة القرآن وآتي ذنوبا ولكني ولله الحمد لم أقرب كبيرة في حياتي, ووقع هذه الانتكاسات يخلف في نفسي أثرا كبيرا أحس بألم شديد وتأنيب ضمير وخوف من أن تضيع أمنيتي فلا أكون ممن يحبهم الله، و الله وعزته وجلاله أحبه وأرجو محبته لي وأطمع في فردوسه لكن الهواجس التي تراودني بأنه ربما الله لا يحبني أو لا يتقبل تقربي إليه تكاد تقتلني حزنا وما يجعلني أفكر بهذه الطريقة هو ما سبق وأخبرتكم به وقع الذنوب في نفسي وكذا أحلام أراها كلما تذكرتها أفسرها على أنها دليل على عدم قبول الله لطاعاتي أو غضبه علي أسأل الله لي أن يجيرني وإياكم من غضبه سبحانه.
أرجو أن ألقى أجوبة منكم وأساكم أن تدعو لي بالثبات على الصراط المستقيم ونيل رضى خالقي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنحمد لك أولا ما ذكرت من صفات طيبة تتصفين بها، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وتقى وصلاحا ، وأن يكسبك رضا ربك عنك ومحبته لك.
واعلمي أن الخوف من الذنوب وسوء عاقبتها من شأن عباد الله المؤمنين، فقد قال عنهم سبحانه: الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ { الأنبياء: 49}.
وقال أيضا: قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ { الطور: 26 ، 27} .
وروى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا.
وروى الطبراني في الأوسط عن الحسن البصري قال: المؤمن جمع إحسانا وشفقة، والمنافق جمع إساءة وغرة. والله ما وجدت فيما مضى ولا فيما بقي عبدا ازداد إحسانا إلا ازداد مخافة وشفقة منه، ولا وجدت فيما مضى ولا فيما بقي عبدا ازداد إساءة إلا ازداد غرة. أي ازداد غفلة.
فنوصيك بأن تكوني على هذا الحال من الخوف من الذنوب وأن تحرصي على الحذر منها واجتنابها، وإذا حدث أن وقعت في شيء منها فعليك بالمبادرة إلى التوبة واحذري من الوقوع في وساوس الشيطان، أو اليأس من أن تكوني من المصطفين من عباد الرحمن، فليس من شأن المؤمن العصمة من الوقوع في الذنوب.
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم.
وخلاصة الأمر أنك إذا كنت على الحال الذي ذكرت من الحرص على الطاعات والمواظبة على الفرائض، واجتناب الكبائر، وحبك الخير للناس واجتنابك أذاهم، فنرجو أن تكوني ممن يحبهم الله ويحبونه. ولمزيد الفائدة نرجو أن تراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 20879، 22830، 24565، 27513.
والله أعلم.