السؤال
ما قولكم في أناس متضررين تدفع إليهم الحكومة صكوكا بمبلغ عشرة ملايين دولار. ونظرا للوضع الأمني المضطرب وصعوبة الاتصال بالبنك الذي يدفع هذه القيمة يعمد بعض حاملي الصكوك إلى بيعها بأقل من ذلك المبلغ المذكور، أو بالدولار، هل في ذلك محذور الربا من جهة عدم التقابض أو عدم التماثل. وهل يعتبر قبض الصك قبضا للنقود؟ أرجو الجواب وذكر البديل فإن السؤال قد كثر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز بيع هذه الصكوك بأقل من قيمتها نقداً؛ لأنه صرف يتأخر قبض أحد عوضيه، والصرف لا بد فيه من التقابض في المجلس، جاء في القواعد لابن رجب: المسألة الثانية: بيع الصكاك قبل قبضها وهي الديون الثابتة على الناس وتسمى صكاكاً لأنها تكتب في صكاك وهي ما يكتب فيه من الرق ونحوه فيباع ما في الصك، فإن كان الدين نقداً وبيع بنقد لم يجز بلا خلاف لأنه صرف بنسيئة. انتهى.
هذا بالإضافة إلى ما فيه من غرر لأن دافع النقد في الحال قد يجد دينه وقد لا يجده فيخسر، والبديل الحلال هو أن يتفق صاحب الصك مع من يثق به على أن يقوم باستيفاء قيمة الصك في مقابل أجرة معلومة، فإذا استوفى القيمة دفعها إلى صاحب الصك ويكون العقد عقد إجارة.
وإذا كانت هذه الصكوك مصدقة بحيث صار مثلها مثل الشيكات، فقد ذهب جمهور الفقهاء المعاصرين إلى أن قبض الشيك قبض لمحتواه إذا كان مصدقًا أو في قوة التصديق وذلك بصدوره ممن تتوفر فيه الثقة والاطمئنان وسلامة التعامل التجاري ممن هو أمين على شرفه ومقامه وعلو سمعته، ويعتبر قبضًا لمحتواه في عملية المصارفة إذا كان مصدر الشيك يملك المبلغ المشمول بالشيك، وبهذا صدرت قرارت المجامع الفقهية، ومن ذلك قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الحادية عشرة وجاء فيه: أولا: يقوم تسليم الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف. اهـ.
وعلى هذا لا يجوز صرف هذه الصكاك بأقل من قيمتها من نفس العملة لأنه ربا، ويجوز صرفها بعملة أخرى من غير جنسها ويكون قبض الصك بمثابة قبض لمحتواه.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 36429، 65547، 70627، 108519.
والله أعلم.